- أوضح وزير العدل حافظ الأختام, الطيب لوح, اليوم الأربعاء, أن القطب المالي الجزائي الوطني الذي سينشأ بموجب مشروع قانون الوقاية من الفساد سيتخصص فقط في *القضايا الكبرى المعقدة*, عكس الديوان المركزي لقمع الفساد الذي اضطلع إلى غاية الآن بالتحريات في قضايا الفساد بصفة عامة. وفي رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني حول الغاية من وراء استخلاف الديوان المركزي لقمع الفساد بالقطب المالي الجزائي الوطني, أوضح السيد لوح أنه *كان لا بد من إنشاء هذا القطب لأن تشكيلته تتكون من الضبطية القضائية لكل من الدرك والأمن الوطني ومديرية الأمن الداخلي (الاستعلامات والأمن سابقا)*. ولفت في هذا الصدد إلى أن *دور مديرية الأمن الداخلي أصبح محصورا فقط في القضايا ذات العلاقة بالأمن القومي دون الاقتصاد, مما دفع إلى تكييف الهيئات المختصة في مكافحة الفساد مع كل الاصلاحات التي أمر بها رئيس الجمهورية خلال السنوات الأخيرة*. و ذّكر في هذا الإطار بأن القطب المالي الجزائي الوطني الذي سيتم استحداثه ضمن مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته الذي ناقشه على مدار يومين نواب الغرفة السفلى للبرلمان *سيتخصص فقط في قضايا الفساد المعقدة*. أما الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته التي ستنشأ هي الأخرى بموجب النص المذكور, فستوكل إليها مهمة *اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد إلى جانب الهيئات الأخرى التي ينص عليها القانون*. وأكد السيد لوح في هذا الصدد بأن القضاء *يقوم بواجبه في محاربة الفساد من خلال إصدار قراراته في جلسات علنية*, ليضيف في هذا الشأن: *لقد تم إلغاء قرارات مسؤولين وأبناء مسؤولين من قبل القضاء الإداري وبكل بساطة, لأنها مخالفة للقانون وفيها تعدّ على الدولة وأملاكها*, ليتابع بأن كل ذلك يندرج في إطار *العمل العادي للعدالة الذي لا يحتاج للترويج*. يذكر أن مشروع القانون المطروح أمام المجلس الشعبي الوطني والذي كان مجلس الوزراء قد صادق عليه شهر ديسمبر الماضي, ينطوي على عدة إجراءات جديدة من بينها إنشاء قطب وطني جزائي مالي ذي اختصاص وطني لدى مجلس قضاء الجزائر يتولى البحث والتحري والمتابعة والتحقيق في الجرائم المالية شديدة التعقيد وكذا الجرائم المرتبطة بها والمتعلقة بالفساد والغش والتهرب الضريبيين وتمويل الجمعيات والجرائم المرتبطة بالصرف وبالمؤسسات المالية والبنكية, إلى جانب إنشاء وكالة وطنية لتسيير العائدات المحجوزة أو المجمدة أو المصادرة في إطار مكافحة الفساد. ويتشكل هذا القطب الجزائي من وكيل الجمهورية ومساعديه وقضاة تحقيق, يتم تعيينهم وفقا لأحكام القانون الأساسي للقضاء, بحكم تخصصهم في الجرائم المالية, مع حق الاستعانة بمساعدين متخصصين في المسائل المالية. ويقترح المشروع حذف الديوان المركزي لقمع الفساد, بسبب تعقيد تشكيلته والنقص في التنسيق بين مختلف المصالح الممثلة على مستواه. كما يشتمل القانون على أحكام جديدة تتعلق بحماية الشخص المبلغ عن الفساد من أي إجراء يمس بوظيفته أو ظروف عمله, ويوفر إمكانية لجوء المبلغ إلى قاضي الاستعجال لوقف الاجراءات التي اتخذت ضده دون الاخلال بحقه في طلب التعويض. وتعزز هذه الأحكام الجديدة إجراءات حماية الشهود والضحايا والخبراء المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية, تماشيا مع أحكام المادة 33 من اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي تطلب من الدول اتخاذ التدابير الملائمة لتوفير الحماية للمبلغين عن الفساد. كما يتضمن مشروع القانون المذكور استحداث وكالة وطنية لتسيير عائدات جرائم الفساد المحجوزة أو المجمدة, الناتجة عن ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 06-01, بهدف تحسين فعالية القضاء الجزائي في مجال مكافحة الفساد والجريمة المنظمة وتعزيز مصداقية الأحكام الجزائية في جانبها المتعلق بتجميد وحجز الأموال الناتجة عن الجريمة, وتمكين الجزائر من استرجاع الأموال المترتبة على هذه الجرائم. ويأتي مشروع القانون في سياق تكييف القانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته مع أحكام التعديل الدستوري لسنة 2016 الذي ينص في مادته 202 على إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد كسلطة إدارية مستقلة تتولى طبقا للمادة 203 مهمة اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد. و قد جاء هذا النص لتوضيح وتعزيز مهام وصلاحيات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والتكفل بالتوصيات التي وضعتها الهيئة المختصة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة عقب تقييم السياسة الجزائرية المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته.