هل الجزائر قادرة على إحداث نقلة نوعية في نظامها السياسي بالتخلي عن الشرعية الثورية التي ظلت تحكمها منذ استرجاع الاستقلال سنة 1962 والتحول إلى الشرعية الشعبية بتطبيق شعار (( من الشعب وإلى الشعب)) وجعل الشعب يحكم نفسه أم أننا أمام حلم جماهير البسطاء والطيبين وأصحاب النوايا الحسنة الذين يتعرضون منذ عقود للخديعة والمكر من قبل الساسة القابضين على زمام السلطة والمتمتعين بخيرات الوطن على حساب أغلبية الشعب من الفقراء والضعفاء ؟ لقد أدركت مسيرات الحراك الشعبي السلمي أمس جمعتها الثامنة دون أن تتضح معالم المرحلة المقبلة فقد ذهب بوتفليقة بعد أن عين حكومة بدوي وعين البرلمان بن صالح رئيسا للدولة لفترة انتقالية فقام باستدعاء الهيئة الناخبة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يوم 4 جويلية المقبل دون أن يسمع لأصوات الملايين المطالبة برحيله مع رموز النظام القديم الذي يريد البقاء بقوة وبنفس الوجوه لمواصلة التسلط والنهب والفساد مثل أحمد أويحيى يريد أن يرشح نفسه في تحد سافر للحراك الشعبي المتواصل والذي يرفض النظام والمعارضة معا معتمدا التفسير الخاطئ للمادتين 7و8من الدستور باعتبار الشعب صاحب السيادة ومصدر كل السلطات لان السيادة مفهوم عام وشامل ولا تعني أن الشعب يحكم نفسه بطريقة مباشرة بل يختار الذين يمثلونه في تسيير الدولة وهنا نجد أنفسنا أمام ثلاثة أطراف تسيطر على المشهد السياسي في البلاد تتمثل في السلطة الحاكمة التي سقط رأسها فقد بينما تحتفظ بكل مكوناتها الأخرى في رئاسة الدولة و الحكومة والبرلمان والمجلس الدستوري والولايات والبلديات وأحزاب الموالاة وهيئات أخرى فما تزال كل القرارات بيدها ووفق إرادتها الحوار الجدي... ضرورة وعندنا أحزاب المعارضة الرافضة للنظام والمرفوضة من الحراك الشعبي الباحث عن شخصيات مستقلة ذات كفاءة علمية ومعرفة وتتحلى بالنزاهة والسمعة الطيبة لكن هذا الحراك الرافض للطبقة السياسية (سلطة ومعارضة )والمطالب برحيل النظام وتكليف شخصية أو هيئة مؤقتة لتسيير المرحلة الانتقالية لا يملك تنظيما موحدا ومعترفا به لحد الآن ولم يقم بإبراز عناصر تمثله بإمكانها الدخول في حوار جدي مع الجهات الرسمية صاحبة القرار والوقت ضيق والأيام تمر بسرعة والضغط يتزايد والتدخلات الخارجية غير مستبعدة بعد الذي حدث في السودان فنحن نعيش موجة ثانية من ثورات الربيع العربي سيكونون لها بالمرصاد لإجهاضها فإذا أراد الحراك أن يصل إلى الحكم وتسلم السلطة في أطار الجمهورية الجديدة فعليه بهيكلة نفسه في حزب سياسي معترف به يفرز قيادات شابة قادرة على تحمل المسؤولية والدخول في الانتخابات المرتقبة بقوة للفوز برئاسة الجمهورية وأغلبية المجالس الشعبية. فحكم الشعب يتم بواسطة الانتخاب وليس بالتظاهر في الشارع وحده وفي حالة تعذر تكوين تنظيم سياسي للحراك يمكن التفاهم مع حزب أو أحزاب في المعارضة لدعم مرشحها لرئاسة الجمهورية والانضمام إلى قوائمها الانتخابية للبرلمان والمجالس الولائية والبلدية والاستفادة من التعيينات في مراكز المسؤولية وفي حالة أخرى يمكن مساندة مرشح مستقل للانتخابات الرئاسية بعد التفاهم معه والاتفاق على نقاط معينة لتحقيقها في حالة فوزه بمنصب رئيس الجمهورية منها تعيين عناصر من الحراك الشعبي في الحكومة وغيرها وتحقيق مطالب الشعب المعبر عنها بواسطة المسيرات السلمية وهكذا يتم الانتقال من حكم الأقلية المتسلطة باسم الشرعية الثورية إلى حكم الأغلبية ذات الشرعية الشعبية