عبّرت أحزاب المعارضة عديد المرات عن رفضها دعوة الحوار التي يتشبث بها رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح متحجّجة بأنّ هذا المسعى سابق لموعده و متنافي مع رغبة الشعب المطالب أولا بذهاب رموز النظام و محيط الرئيس السابق للبلاد ، بل و أكّدت الأحزاب التي كفّرت عن ذنبها بالذوبان السريع في الحَراك و تبنيها مطالب الشعب و هي التي تصف نفسها بالمعارضة ، أنّ الأمر ضد الإرادة الشعبية باعتبار الداعي للحوار هو أول الرؤوس التي ينادى الحَراك الشعبي بذهابها ، رافضا أن يدير أو يسيّر أو يشرف على الحوار الوطني . و أضافت الأحزاب الرافضة لتوقيت الحوار و أيضا الجهة التي تسيّره بأنّه ينبغي العودة إلى المسار الانتخابي بتنحي بن صالح و بعدها تعقد الندوة الوطنية التي تدعى إليها كل الأطياف السياسية و تعالج كل المسائل بما فيها إعادة النظر في الدستور الجديد و دور المؤسسة العسكرية . و الرافضون للحوار مع السلطة الحالية الداعية إلى الانتخابات الرئاسية قبل اصلاحات عميقة يرون فيه استخفافا بالإرادة الشعبية ، و ينتابهم تخوّف في حال تقديم الاستحقاق الرئاسي قبل الاصلاحات تقديم النظام و حتى المؤسسة العسكرية لأسماء يحدث حول الاجماع و بالتالي يكون الأمر هدرا لمسار و نضال الحَراك الشعبي. و لا تزال عديد الأطراف السياسية و المنظمات المهنية ترفض أيضا أن يكون لحكومة نور الدين بدوي أي مسؤولية من إشراف أو تسيّر للانتخابات الرئاسية ، لأن تطلعات المطالب الشعبية الديمقراطية المشروعة لا يمكن تحقيقها من خلال تنظيم انتخابي محسوم النتائج ، و هذا الاستحقاق بهذه الطريقة و الآلية لن يحقق الانتقال الديمقراطي و لا يهيئ اجماعا سياسيا وطنيا لحل الأزمة و لا حتى الاجتماع حول طاولة واحدة . و ليس الأحزاب وحدها الرافضة للحوار في شكله الحالي بل السواد الأعظم من الشعب الذي عبّر عن إرادته و مطالبه الحَراك الشعبي منذ 22 فبراير و تواصل المسيرات إلى يومنا تعبير على الرفض القاطع لوجود وجوه النظام في المشهد السياسي ، و المطالبة بذهابها جميعا و تنقية الأجواء ، و بعدها الحديث عن الحوار و الانتخابات و الانتقال الديمقراطي و غيرها من الأهداف التي سطرتها المسرة الشعبية . في حين أكدت المؤسسة العسكرية على لسان قائد الأركان الفريق قايد صالح وجود بعض الأطراف التي «ترفض كل المبادرات وتعمل على نشر النعرات والدسائس ، لافتاً إلى ضرورة تقريب وجهات النظر وتحقيق التوافق حول الحلول المتاحة ، و هذا يؤكد الدعوة إلى التحاور مع السلطة ، لافتاً إلى أن المقترحات التي قدمها الجيش نابعة من وعيه بأهمية المرحلة ، وعبّر الفريق قايد صالح عن وجود توافق وطني على الترتيبات المتخذة من خلال شعارات المسيرات التي تشهدها الشوارع الجزائرية . إنّ الذهاب إلى انتخابات رئاسية مصيرية في حياة الشعب و المؤسسات التي تحكمه يجب أن تزول عنها أولا الظروف التي عطّلتها في 18 أفريل الماضي ، و بالتالي إجراء استحقاق في ظروف جيّدة و ليس بعهدة خامسة مكرر قوامها نفس النظام الذي قام من أجله الحَراك الشعبي باعتبار هذه الانتخابات شكل من أشكال حوار بنّاء بين الشعب و السلطة يفضي إلى نتائج تريدها الأمّة .