لقد برزت الكثير من قيم التضامن والتعاون في المجتمع الجزائري، مع مسيرات الحراك الشعبين وما لم تستطع أن تفعله الخطب والدروس والطرق المدرسية في التربية، استطاعت الهبة الوطنية انجازه. في انتظار القيام بما هو أكبر مثل حملات التبرع بالدم في المسيرات. حرائر الجزائر والصدقة أسهمت المرأة الجزائرية الحرة في حراك الربيع الجزائري السلمي الحضاري، ولم تكتف بالحضور في المسيرات والاحتجاج أو الإضراب في أماكن العمل المختلفة أو التعبير الإعلامي والسياسي عن الرأي والموقف، بل شاهد كل العالم عبر الفضائيات والشبكات التواصل الاجتماعي ما جادت به الحرائر من أطعمة للمشاركين في المسيرات، كما قدمت العائلات الجزائرية كل أنواع المأكولات الشعبية، مثل الكسكسي والشخشوخة والعيش والبراج والطمينة والمحاجب... و أخرج المتصدقون في ولا ية سكيكدة أعدادا كثيرة من حلويات الفراولة. وفي مناطق جزائرية كثيرة قدم الجزائريون الزلابية و« الدقلة» والحلويات واللبن...وهناك من ساهم بوضع قارورات الماء والعصير في الأرصفة ليأخذها المشاركون في الحراك الشعبي ، وهو ما ساعد خاصة المرضى وكبار السن على الاستمرار في المسير الشعبي. إنها بعض الملامح المجتمعية التي تعيد الثقافة الشعبية الجزائرية للحياة والتجدد، وهنا تتجلى هذه الظاهرة الثقافية التي تدخل إلى ساحة التجاذبات السياسية و الدستورية، فنجد الخطاب السياسي السلمي الراقي من جهة والموروث الثقافي الشعبي من جهة أخرى، في سياق التضامن والوحدة الوطنية و الترابية، استعدادا لمواجهة كل تحديات داخلية وخارجية، فيكون الشارع الجزائري مساهما في الأمن القومي فعلا. عودة الشهداء والارتباط بنوفمبر ومن علامات تجدد الارتباط بالتاريخ والثقافة الجزائرية حضور الشهداء والمجاهدين في الصور والشعارات التي رفعت في المسيرات، وهو ما حضر في كل الربوع الوطنية من الشرق للغرب ومن الشمال للجنوب، مما قدم للعالم صورة مثالية عن تفاعل جزائري كبير مع الثورة التحريرية... ونقل الشباب الجزائري الثائر والرافض للعصابة الكثير من الرسائل، لعل أهمها أن الجزائر المستقلة خانت الشهداء ولم تسر في طريقهم ولم تحقق أحلامهم؟؟؟ . وكانت المسيرات عبر الوطن تنطلق من ساحات وشوارع لها دلالات وعلاقات بالتاريخ الجزائري، مثل أحداث ماي 1945،أول نوفمبر1954، 20 أوت 1955،..أو ساحات الشهداء، الثورة، الحرية،.... أو ساحات بأسماء الشهداء والمجاهدين والعلماء، مثل العربي بن مهيدي ، ديدوش مراد، زبانا، مفدي زكرياء، الأمير عبد القادر، هواري بومدين، ابن باديس... لقد فعل الحراك الشعبي لا علاقة بين الشباب والتاريخ الثوري الجزائري مالم تفعله مؤسسات الدولة، من المتاحف والمدارس ودور الشباب والمراكز الثقافية، بل على العكس قدمت الأحزاب التي تتغنى بالوطنية صورا سيئة من الفساد والتزوير والاختلاس و تشويه الثورة بشاعرات الشرعية الثورية، لذلك كانت الشرعية الشعبية محاولة لاسترجاع الثورة النوفمبرية من الفاسدين السارقين»كليتو لبلاد..كليتو ثورة نوفمبر؟؟؟». وعلى الباحثين الاجتماعيين و الثقافيين و اللسانيين التركيز على هذه الظواهر الشعبية العظيمة لدراستها وتحليلها. .. « نتبرعو قاع» لقد اقترحنا قبل أيام مبادرة التبرع بالدم في المسيرات الشعبية، ونبهنا مختلف المؤسسات الاستشفائية للتحرك لتنفيذ المبادرة ،وقد بدأت المجموعات الفايسبوكية بعض الولايات في التحرك لتجسيدها، ونأمل من الجمعيات الإنسانية و الاجتماعية و الخيريةالتحرك كذلك، لتحقيق التكافل الوطني. وليكن شعارها «نتبرعو قاع». ونأمل من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ذات الانتشار الوطني أن تتبنى المبادرة، عبر مكاتبها وفروعها الولائية، لتنظيم العملية الإنسانية، ففي ظل ارتفاع الروح الوطنية، وفي ظل المواطنة الكبيرة علينا أن نجمع أكياس الدم لمرضانا، بخاصة وشهر رمضان مقبل ويقل عدد المتبرعين، ونرجو من الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس الجمعية السعي مع مكتبه الوطني لتجسيد هذه الروح الوطنية الإنسانية. فمن غير المعقول عدم الاستفادة الاجتماعية والخيرية من هذه الملايين من المواطنين في الشوارع لأجل القيام بمبادرات إنسانية تخدم مستشفياتنا ومرضانا؟؟ وستكون عمليات جع الدم في المسيرات أول بادرة عالمية لم تسبق، حيث يقدم الإنسان دمه للمرضى وهو ينقل احتجاجه السلمي على الفاسدين والمفسدين لوطنه،فتكون دبلوماسية السلم مفتاحا للحرية والتحرر من قيود الاستبداد والفساد، وتكون علامة للسلمية قد تفتح أبواب النشاط السياحي الجزائري على العالمية، ويمكن لكل الجمعيات الجزائرية المساهمة في تنظيم وتسيير المبادرة، والأرقام تقول بأنه طيلة عام 2018 لم يتم أكثر من 600ألف كيس دم وطنيان في حين يلتقي كل جمعة أكثر من 20 مليون جزائري،وكل المؤسسات الاستشفائية في ولاياتنا تعاني من نقص حاد في أكياس الدم؟؟ في الختام سيتحد الشباب الجزائري وسيتمسك بوطنهن ويعيد كتابة المجد الذي كتبه أجداده الشهداء والأحرار، وتتواصل شاهد التضامن والتكافل في الحراك الشعبي وكفي كل زمان ومكان، لأن الروح الجزائرية تتحرك بعطر الشهداء وأخلاق الاسلام وأريج النوفمبرية الخالد، وسيكون الفداء بالروح والمال ، وسيأتي الرجال الذين يجسدون حملات التبرع بالدم اليوم وغدا ، يقول الشاعر الوطني محمد العيد آل خليفة: أيها التاعبون في عمل الخير ستأتي بأجرها الأتعاب اصمدوا للعدى وإن ضايقوكم لا تهابوا من العدى لا تهابوا حسبنا الله في الأمور ومن ذا هو كالله قاهر غلاّب فابدوأ باسمه الأمور وانهوا إنه باسمه تذلّ الصعاب