تتميز مسيرات الحراك الشعبي التي تشهدها ساحات و شوارع الجزائر منذ يوم 22 فبراير الماضي بالسلمية و مطالب سياسية تدعو إلى تغيير النظام و تحقيق الديمقراطية و استرجاع الشعب الجزائري لسيادته ،و تكريس حقه في المواطنة بتمكينه من إبداء رأيه في الشأن السياسي العام ، و هكذا فبعد 27 أسبوعا ، أي سبعة أشهر من بداية مسيرات الحراك الشعبي لا يزال الجزائريون يحملون شعارات المطالبة بالتغيير السياسي و تحقيق الديمقراطية والقضاء على الفساد والفاسدين بنفس قوي و إصرار كبير على ضرورة استجابة السلطة لمطالبهم ،كما أن هذه المسيرات ليست من أجل الخبز و لكن من أجل مطالب تسترجع للشعب حقوقه التي نهبت في العقود الماضية في ظل نظام بائد احتكره الفاسدون و داسوا على كرامة الجزائريين ،هي إذن هبة شعب سئم البقاء على الهامش متفرجا ،و مبعدا عن المشهد السياسي ، و مغيبا بسبب فقدان الثقة بين الشعب والسلطة عن المواعيد الانتخابية الهامة التي كانت تنظم و تقرر مصير الجزائر . إن الشعب الجزائري الذي نراه اليوم منذ سبعة أشهر بلا ملل ولا كلل ،يخرج كل جمعة حاملا الراية الوطنية و لافتات مطالب في مسيرات سلمية بامتياز ، يؤكد مدى وعيه وإدراكه لضرورة تغيير الأسماء التي تصدرت المشهد السياسي ، ومارست الحكم لسنوات عديدة بقواعد الفساد ونهب المال العام و هضم حقوق الجزائريين ، و يبرز حرصه و إصراره على مواصلة مسار المسيرات إلى أن تتحقق مطالبه ، و تبرز في الأفق علامات التجاوب مع مطالبه للوصول إلى انفراج سياسي و تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة هي بوابة و نقطة انطلاق لجزائر جديدة تحفظ فيها كرامة الشعب، الراشد و تتحقق فيها الرفاهية والتسيير السياسي والاقتصادي و الحكم الراشد لنطوي صفحة الفساد السياسي والاقتصادي الأسود في دولة قانون جديدة تولد من رحم هذا الحراك الشعبي العارم .