يعتمد مشروع مخطط عمل الحكومة, الذي سيعرض على المجلس الشعبي الوطني, الثلاثاء القادم, على تبني نمط جديد للحكم يتسم بالصرامة والشفافية, و"يحدث قطيعة جذرية مع أنماط الحوكمة القديمة التي أدت إلى انحرافات وانزلاقات خطيرة". وأكدت الحكومة, في مشروع مخطط عملها الذي صادق عليه مجلس الوزراء, الخميس الماضي, عزمها على المبادرة بمشروع شامل للإصلاحات الجذرية سيفضي إلى إقامة نظام حكم "حديث وعصري" سيشكل دعما قويا لتأسيس الجمهورية الجديدة". ويرتكز هذا المسعى "الذي سيحدث قطيعة جذرية مع أنماط الحوكمة القديمة التي أدت إلى انحرافات وانزلاقات خطيرة",على ثلاثة محاور في مقدمتها إصلاح المنظومة التشريعية لتنظيم الانتخابات, بحيث ستسعى الحكومة فور الانتهاء من المراجعة الدستورية, إلى "تكريس التزام رئيس الجمهورية بمراجعة جهاز تنظيم الانتخابات بما يجعله وسيلة حقيقية للتعبير عن الإرادة الشعبية". ولهذا الغرض, تعتزم الحكومة "تعزيز الطابع الشامل" للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات, حرصا على تعزيز المسار الديمقراطي للبلاد من خلال ترسيخ مبادئ حياد وقانونية وشفافية ومصداقية العمليات الانتخابية, كما سيمكن إصلاح المنظومة التشريعية التي تحكم الانتخابات من تكريس انسحاب الإدارة من هذه العملية من خلال إنشاء الآليات اللازمة لضمان الاستقلالية التامة لهذه السلطة تجاه السلطة التشريعية والسلطة القضائية. كما ستسهر الحكومة على تكريس المنظومة التشريعية الجديدة " بدقة ومواءمة" المعايير والشروط المطلوبة لجميع المرشحين للانتخابات, وتتعهد بأن يشمل مشروع مراجعة المنظومة القانونية التي تحكم النظام الانتخابي, على مجموعة من التدابير تهدف إلى بروز جيل جديد من المنتخبين أكفاء ونزهاء. ==مكافحة الفساد ضمن صميم عملية إصلاح الدولة== وفيما يتعلق بأخلقة الحياة العامة, تعتزم الحكومة "إدراج مكافحة الفساد بجميع أشكاله,ضمن صميم عملية إصلاح مصالح الدولة", وتراهن من وراء هذا المسعى "ضمان نزاهة وموضوعية واستقامة الأشخاص الذين يمارسون أعلى المسؤوليات على مستوى السلطة العمومية". كما تعتزم الحكومة خوض معركة "حازمة" ضد الفساد والمحاباة والمحسوبية, وستجعل من هذه المعركة "التزاما حازما ومحور عمل ذا أولوية", يتضمن مراجعة الأحكام القانونية المتعلقة بمكافحة الفساد, إعادة تكييف مفهوم المعاملة في بعض قضايا الفساد التي يتورط فيها أشخاص اعتباريون, وضع أحكام تشريعية بشأن حماية المبلغين عن الفساد, رفع مقدار العقوبات المالية المفروضة في جرائم الفساد لجعلها أكثر ردعا وتشديد الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال. وستتولى الحكومة "وضع آليات جديدة للوقاية والرقابة", من أجل ضمان نزاهة المسؤولين العموميين والتسيير السليم لأموال الدولة, كما تخطط لوضع منظومة قانونية تحدد لأعضاء الحكومة وسامي المسؤولين في الدولة, القواعد التي من شأنها "منع تضارب المصالح في الحياة العامة". وفي إطار ذات المسعى, تعتزم الحكومة "إتاحة الولوج إلى البيانات العمومية" من أجل توفير قدر أكبر من الشفافية والمسؤولية والفعالية في عمل السلطات العمومية, إلى جانب وضع آليات جديدة تسمح للمجتمع المدني ب"المساهمة بشكل كامل في بناء الملك العام وإشراك المواطن في عمل السلطات العمومية". وتدرج الحكومة في مخططها, إصلاح تنظيم وأنماط تسيير الدولة وفروعها كمحور ذي أولوية والذي سيشمل مجمل الهيئات العمومية المركزية والمحلية. وفي هذا السياق, يعتمد إصلاح تنظيم الإدارة على عدة محاور أهمها إعادة تنظيم وتأهيل وعصرنة المصالح الرئيسية للدولة والإدارات المركزية والمؤسسات العامة, إعادة تأهيل أجهزة دعم الحوكمة, ولاسيما منها سلطات الضبط, إعادة تحديد دور كل مستوى إقليمي (البلدية, الدائرة, المقاطعة الإدارية), إعادة تنظيم الشبكة اللامركزية للدولة بما يستجيب بشكل أفضل لأولويات الحكومة ووضع تقسيم إداري جديد يهدف إلى تغيير الهيكل الإقليمي للبلاد, من خلال إنشاء بلديات جديدة . أما فيما يتعلق بإصلاح أنماط تسيير الإدارة العمومية, سيتم محاربة التبذير الناجم عن مقاربة ريعية وتقليص نفقات الدولة قصد استعادة الثقة التي فقدها المواطن في مؤسساته.