صدر للأديب عبد الله خديم كتاب جديد بعنوان* حياة قيد الأفول *، وهو دراسة اجتماعية سلط فيها الكاتب الضوء على حياة البدو الرحل، عاداتهم و تقاليدهم، وارتباطهم بحياة البادية، في تشريح سوسيولوجي لبساطة البدو وتعلقهم وعشقهم للبادية حصنهم الذي ألفوا العيش فيه بعيدا عن البهرجة،وحياة الحضر، مع تمسكهم بكل ما له صلة بهذه الحياة. مقدمة الكتاب الذي صدر عن دار المثقف للنشر والتوزيع في 49 صفحة، موزعة عبر 10 فصول تضمنت شخصية الأمير عبد القادر وقصيدته الشهيرة عن البدو الرحل، مُسترسلا في وصف هذه الحياة، انطلاقا من الخيمة وما يحتاجه المقيمون بها لتصريف مصالحهم اليومية وتصرفاتهم،و طبعا للعائلة البدوية أجنداتها اليومية، والفصلية والسنوية، فتحدث الكاتب عن عملية الزج (تخليص الشاة من الصوف ) في فصل الربيع ،وما يصاحبها من طقوس، كاستدعاء المعاونين ( المتطوعين ) في عمل جماعي ليتم بعدها إكرامهم ،و بعد الانتهاء من الزج لابد من استغلال مادة الصوف بما ينفع العائلة، والباقي يباع..وهنا يتطرق الكاتب إلى عمل ربة البيت التي لا تستغني عن المغزل والقرداش والخلالة والمشط، وكلها وسائل لتطويع الصوف، من تنظيف وغزل (خيوط ) ، ثم تأتي مرحلة التجسيد حسب ما تريده الأم . بعدها تناول الكاتب عبد الله خديم مسألة تربية أبناء الريف وفق ما يريده الوالد، منذ الطفولة إلى أن يصبحوا رجالا ، متطرقا إلى الحياة الاجتماعية التي يحتل فيها الأب مكانته الخاصة، وهذا الأخير قد يكون عضوا في * جماعة الجاه * التي يمتثل لأحكامها الجميع الكبير قبل الصغير،مع تأسف الكاتب لغيابها في الوقت الحاضر ، وارتباط كل عرش ببلدية معينة في التوزيع الجغرافي، كما سلط الضوء على الزواج بدءا من مرحلة الخطوبة إلى غاية الزواج .و قد استرسل المؤلف في وصف العادات و التقاليد المرتبطة بالزواج، وبعدها فترة الحمل و الولادة التي تمر بها المرأة في الخيمة وما تواجهه من تعب بسبب مهامها كربة أسرة، لكنها تتخطى هذه المرحلة بتناول ما تدره الطبيعة الصحراوية من أعشاب، وعند مرحلة الولادة يعتمد البدو على امرأة ذات خبرة تتولى عملية التوليد.. وبقول الكاتب في مؤلفه إنه من النادر أن لا نجد بالخيمة حصانا يُستعمل في الأغلب للزينة والنرجسية والتباهي في لعب الفنطازيا ، فعملية شراء المهر تقتضي مشورة بين الشاري وأهله ، يراعي فيها القامة و الشموخ قبل الشروع في تدريبه، وما تمثله الفنطازيا لهم ، كما أسهب الكاتب في شرح الاستعداد للذهاب إلى السوق للبيع، وكيف أن الوالد يتصرف في شراء المؤونة و ادخار ما تبقى لوقت الحاجة، مضيفا أن البدو لا يميزون بين الأشهر الهجرية و الميلادية من السنوات، فهم يعتمدون على العد و الحساب الذي يتكون من 28 منزلة وكل منزلة تحتوي 13 يوما . وعليه فإن الكتاب بواية حقيقية لاكتشاف حياة الريف والتعرف على الكثير من المصطلحات القديمة التي هي مهددة بالزوال جراء التقدم التكنولوجي، حيث استطاع الكاتب أن يبحر في عالم البداوة بكل احترافية ، ليعيد الاعتبار لهذا الموروث المادي و اللامادي، علما أن الكاتب عبد الله خديم شاب يبلغ 28 سنة، ماستر 2 اقتصاد دولي، وله كتابين *جنوني بالمحجبة * و *عروس إفريقيا ضريرة " .