عادة ما تشكّل أزمة انعدام الثقة بين الحاكم و المحكوم الشرخ الذي يباعد بين المواطن و السلطة كيف ما كان شكلها و موقعها ؛ قد تكون السلطة الحاكمة أو السلطات المنتخبة من مجالس شعبية بمختلف مواقعها من منتخبين محليين أو ولّاةً معيّنين أو حتى وزراء . و يؤكد فقدانَ الثقة الانصرافُ الشعبي و عدم الإيمان بالوعود المقطوعة من قبَل المسؤولين لدرجة فقدان الأمل في تحقيق هذا المطلب أو ذاك و يستكين المواطن إلى الرتابة و سأم الانتظار. و هذا الحال حذّر منه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال انعقاد مجلس الوزراء الأحد الفائت ، لافتا الانتباه إلى الضرر الذي لحق بمؤسسات الأمة و ثروتها و اشترط بناء الجزائر الجديدة بزوال انعدام الثقة و العودة إلى الإخلاص في البناء ، باعتبار الدولة لا تبخل على من يريدون وضع اليد في اليد من أجل رص الصف و تحرير المبادرة الشعبية من كل الشوائب و وضع لبنات التشيِّد لمستقبل الأجيال الجزائرية القادمة . هذا البناء لا يشيّد صرحَه كثرة الكلام و اللغو في المجالس بل التشمير على السواعد و متابعة المسؤولين بالدرجة الأولى و معرفة مدى ارتباطهم بالمهام الموكلة إليهم و تحقيق مطالب الشعب، بعيدا كل البعد عن استغلال النفوذ لتحقيق امتيازات أو ابطال أحكام أو فرضها و تحويل السلطة إلى أداة قمع و تحقيق المآرب و شرعنة التمييز الاجتماعي و الشعبي بصفة عامة ، و قد عاشت الجزائر ويلات هذا النوع من التسلط من طرف بعض المسؤولين أنفسهم . * ضمانات أساسية و قد حثّ رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء على ضرورة إحقاق التغيِّر حتى تشعر فئات المجتمع خاصة الشباب الواعد بالتجديد في روح الأمة و عمل الدولة باعتبار هدف الجميع مشترك و هو إعادة بناء دولة جدبدة قوامها التطور و التقدم و التفكير في ما سيترك جيل اليوم للأبناء. و قد أشارت التجارب من عمق مجتمعنا و طريقة إدارة مسؤولين في أعلى هرم السلطة لشؤون الرعيّة أنّ انعدام الثقة يبدأ في التكوّن ككرة الثلج التي تصير صخرة صمّاء قد تزعزع الحكمَ و تهدم بالتالي جسرَ التواصل بين الحاكم و المحكوم و حينها لن يتعلق الأمر بسحابة صيف تنجلي بعد حين .. و قد عاشت الجزائر هذه التجربة المريرة . اليوم الكل أمام مسؤولية تاريخية تبدأ بنكران الذات و تمر عبر العمل بإخلاص للوطن ( باعتبار الكل يتقاضى أجره عن عمله) و تنتهي عند تحقيق الهدف أو الأهداف المسطرة في استراتيجية الدولة و الشعب و لعل أهم هذه الأهداف الوصول إلى جزائر جديدة قوامها مؤسسات قوية و سلطات مسؤولة عن عملها و استقلاليتها و عدم تداخلها و لا تدخلها إلا بما يمليه القانون و لا شيء سوى القانون . نضيف إلى ذلك أن الطريق إلى إعادة ربط أواصر الثقة بين الحاكم و المحكوم تتسنّى بشكل أساسي بمحاربة الفساد و إفشال مساعي المفسدين في احتلال الساحة أو الاقتراب من مناصب المسؤولية و محاسبة مقترفي الجرائم في حق الشعب و محترفي اهدار المال العام و تشتيت ثروة الأمة .