يعرض الخميس مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور, الذي صادق عليه مجلس الوزراء الأحد الماضي, على المجلس الشعبي الوطني للتصويت عليه في جلسة علنية, وذلك قبل عرضه على مجلس الأمة ثم الاستفتاء عليه من طرف الشعب في الفاتح نوفمبر المقبل. و سيتم خلال هذه الجلسة تقديم مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور من قبل ممثل الحكومة و تقديم تقرير لجنة الشؤون القانونية و الإدارية و الحريات ثم التصويت عليه طبقا لما تحدده المادة 36 و37 من القانون العضوي الخاص بعمل المجلس الشعبي الوطني ومجلس الامة وعلاقتهما بالحكومة, حيث سيكون التصويت عليه بصفة كاملة وليس مادة بمادة و دون تعديل أو نقاش. و تعتبر إحالة مشروع تعديل الدستور على البرلمان بمثابة المحطة الاخيرة قبل عرضه, في الفاتح من نوفمبر المقبل, على استفتاء تكون الكلمة الفصل فيه للشعب بصفته مصدر كل السلطات. ويتوزع مشروع التعديل الدستوري الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على ستة محاور صيغت على ضوء العناصر التي استخرجتها لجنة الخبراء المكلفة بمراجعة الدستور من الاقتراحات التي تلقتها من مختلف الشرائح الاجتماعية والشخصيات الوطنية والقوى السياسية والتي بلغ عددها 5018 مقترح. ويتعلق الباب الاول بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري والباب الثاني بالحقوق الاساسية والحريات العامة والواجبات والباب الثالث بتنظيم وفصل بين السلطات فيما يرتبط الباب الرابع بمؤسسات الرقابة والباب الخامس بالمؤسسات الاستشارية والباب السادس بالتعديل الدستوري. وبخصوص الباب المتعلق بالفصل بين السلطات (الثالث) فقد كرس النص منصب رئيس الحكومة إذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية, مقابل منصب الوزير الأول, إذا أسفرت هذه الانتخابات عن أغلبية رئاسية, مع النص على تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية و تمكينه من تشكيل حكومته واعداد برنامجه. وأدرج مشروع التعديل الدستوري من جهة اخرى مادة جديدة (213) من الباب الخامس المتعلق بالهيئات الاستشارية, وتتعلق بالمرصد الوطني للمجتمع المدني و هو هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية, ومن بين مهامه الأساسية تقديم آراء وتوصيات متعلقة بانشغالات المجتمع المدني. و يساهم ذات المرصد, حسب نص المادة, في "ترقيه القيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطنة", و"يشارك المؤسسات الأخرى في تحقيق اهداف التنمية الوطنية". وكان الرئيس تبون قد أشاد في عدة مناسبات بالمجتمع المدني وبدوره المهم في مواجهة المشاكل اليومية للمواطنين. كما تطرق مشروع التعديل الدستوري الى الدور المنوط مستقبلا بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أضيف الى اهتماماته مجال البيئة, حيث تم ترقية هذه الهيئة لتتمكن من لعب دور استشاري "رائد" في صناعة القرار وتعزيز الحوار بين مختلف فئات المجتمع. ووفقا للمشروع ايضا فقد تمت دسترة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته, وإدراجها ضمن الهيئات الرقابية و التصريح بالممتلكات في بداية الوظيفة أو العهدة وعند انتهائها لكل شخص يعين في وظيفة عليا في الدولة, أو منتخب أو معين في البرلمان, أو منتخب في مجلس محلي مع إلزام السلطات العمومية باحترام الحكم الراشد وفرض احترامه في تسيير الشؤون العمومية و معاقبة القانون لاستغلال النفوذ. هذا وتضمن المشروع كذلك ادراج مادة جديدة (218) في بابه الخامس ذات الصلة بإنشاء الاكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيا والتي تعد بمثابة هيئة مستقلة ذات طابع علمي وتكنولوجي . و للتذكير كان الوزير الاول عبد العزيز جراد قد عرض الثلاثاء, بحضور رئيس المجلس, سليمان شنين, مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني, حيث أوضح أن المشروع "الذي بادر به رئيس الجمهورية, يعد تجسيدا وتنفيذا لأحد أبرز التزاماته في المجال السياسي من أجل بناء جمهورية جديدة". واعتبر الوزير الاول أن هذا التعديل الدستوري كان "على رأس الوعود الانتخابية التي قطعها رئيس الجمهورية", والتي هي --كما قال-- "التزامات صادقة شرع في تجسيدها في الميدان وفق رؤية استراتيجية واضحة و رزنامة محددة تستدعي منا جميعا التحلي بالواقعية والتركيز على القضايا الجوهرية للأمة ذات العلاقة بالأسس الدائمة للدولة". وأضاف أن هذا التعديل الدستوري يعد "محطة جد هامة, بل ومفصلية في الحياة السياسية لبلادنا, اذ يسمح بالفصل الحقيقي بين السلطات و يعزز العلاقات بين الحكومة والبرلمان ويسمح بتجسيد الالتزامات المقررة لبناء جمهورية جديدة". وعقب ذلك, فسح المجال لأعضاء اللجنة لمناقشة النص القانوني, و تواصلت المناقشات الاربعاء بتدخل رؤساء المجموعات البرلمانية قبل أن يعرض للتصويت على نواب المجلس في جلسة علنية تعقد يوم الخميس .