سُئل التاريخ عن الجزائر أجاب: لكم يحلو الحديث عن فيض غائر عن شمس بهية تنير درب الحائر ثم أضاف أيها السائل، مهلا، بأي الفصول، أُنبئُى السامعين؛ امتلأت كتبي بأخبار المحروسة في كل عقد، وعلى رأس الخمسين؛ كانوا سادة المتوسط مع العثمانيين؛ امتلكوا أهوال البحر، خبروا شدائده، بشهادة العابرين؛ صال الرايس حميدو وجال باسم الجزائر، أميرا للبحارين؛ ومدفع بابا مرزوق أرعب أعداء الإيالة، من المتربصين؛ في الأرشيف، والأسفار، وأخبار الرحالة، أجوبة للسائلين ***** أقبل القرن السادس عشر، فتوالت نجوم المُهتدين؛ أقطاب العلم على تواتر، في نُصحهم معتدلين؛ فالونشريسي تصدر، بمعياره الموسوعيين؛ والمقري تلألأ بالأزهر والحرم، وفاس وجامع الأمويين؛ ومنشور ابن الفكون شنّع، من كان من المُدّعين؛ فآزره المشرفي بكشف، من تداعى من المُتحالفين؛ وأبو راس إمام حافظ، ومؤرخ أبهر المُستشرقين؛ وأفتى ابن العنابي في الجزائر، وفي مصر للحنفيين؛ وتضلع حمدان في السياسة والفكر، فكان سيد المُتنوِرين حرر أهل البلد الوطن من الاسبانيين؛ ولقّنوا درسا لا يُنسى للفرنسيين؛ ولمن سوّلت له نفسُه من المُعتدين ***** إن الجزائر في العالمين روضة تسُر الناظرين؛ زوايا العلم والرباط بكل فجّ للقاصدين؛ مدارس الكتانية ومازونة والمحمديين؛ شيخية من سيدي الشيخ قدوة العارفين؛ ورحمانية من سيدي محمد بوقبرين؛ وإشعاع من عين ماضي للتجانيين؛ وقادرية وبلقايدية وزيانية للمريدين؛ وعلاوية أبدعت وتفوقت بالمُجددين؛ يكفيهم شأنا أنهم صانوا اللغة والدين؛ كانوا عليهما قائمين، وللحق بالثورة ناصرين ***** الأمير عبد القادر رائد المقاومين؛ مؤسس الدولة، ومُلهم المفكرين؛ رضي الله عنه سيد المجاهدين؛ سار على دربه ثلة من صادقين ***** فصار القرن التاسع عشر، زمن الثائرين؛ الباي والمقراني وبوعمامة من الشاهدين؛ انتفض الشرفاء في جرجرة والظهرة مُتوكلين؛ والحضنة والأوراس وبني شقران أجمعين؛ ودحرت الصحراء غُزاتَها خاسئين؛ (13) فتقهقروا منها، ومن التيطري خائبين؛ جماجم الشهداء في متاحف للمتجولين؛ وصمة عار في جبين المُتحضّرِين؛ ضمّها الوطن، فلم تعد فرجة للسائحين ********** سُئل التاريخ عن الجزائر أجاب: لكم يحلو الحديث عن فيض غائر عن شمس بهية تنير درب الحائر أيها السائل، أنا مشدوه بحضارة وبطولة شعب ثائر أنا مبهور من صفحات الأمس، ووجه الحاضر؛ إن الجزائر في العالمين فصل الحاضرين للغائبين، وما أدراكم ما فصل القرن العشرين ***** إن الجزائر في العالمين، فضل الحاضرين على الغائبين، تشرفت بتحرير رقاب المُستَعْبَدين؛ الأمير خالد رافع مُحتجا في الأمميين؛ وانكب في شتى الربوع أبا للوطنيين؛ ناداه «مصالي» مُدوّيا في الثوريين؛ استقلال، استقلال لسنا مُحبَطِين؛ لسنا مُتنازلين ***** وابن باديس إمام تصدّر المصلحين؛ بدّد بعلمه وعمله وَهْم المُشكِكين؛ فشعب الجزائر من المسلمين؛ وإلى العروبة من المنتسبين؛ من قال مات هو من الكاذبين؛ ***** ثار الشعب في الخامس والأربعين؛ مُخاطبا ومُذكِرا بوعود المُنْكِرين؛ فأيقن ألا حرية قط للمستضعفين؛ ولا انعتاق إلا بجهاد يقطع دابر المُتجبرين؛ شهداء مايو فيها بالآلاف خمس وأربعين ***** هبت نسائم في الرابع والخمسين؛ فكان أول نوفمبر ليلة الاثنين؛ سلام على الاثنين والعشرين؛ وعلى الستة الغُرّ المُحجّلين؛ بيانهم دستور للمتنازعين؛ وجبهتهم لمّت شمل المتفرقين؛ مليون ونصفه مُستَشهَدين؛ ضريبة ثورة المتحررين؛ ففكت أمم أخرى أغلال الغاشمين؛ وحيّت بالسلام الجزائر والجزائريين ********** سُئل التاريخ عن الجزائر أجاب: لكم يحلو الحديث عن فيض غائر عن شمس بهية تنير درب الحائر عن وطن عظيم يُلهم العقل ويُلهب المشاعر؛ الله أكبر على الجزائر، وعلى ثورة القرن العشرين؛ وعلى الحراك المتفرّد المبارك المُبين؛ الجزائر مركزا، ومرجعا، وقبلة للأحرار والمفكرين هذا مختصر تاريخ الجزائر، بقلم مؤرخ بحس شاعر