آلاف القتلى و مئات الآلاف من الجرحى و المسجونين و المختفين و المهجرين و النازحين و المكدسين في مخيمات اللاجئين في كثير من زوايا الكرة الأرضية التي ازدحمت بالمآسي الإنسانية و اكتظت بشتات المظلومين و المغلوب على أمرهم و ارتسمت على خارطتها تضاريس سياسية جديدة معالمها مزيد من الدمار و الغبار الذي لم يعم الدول الكبرى و الإقليمية المتعاونة عن تبصر مصالحها الاقتصادية و مناطق نفوذها العسكري فزادت بوقود أسلحتها و أموالها و مرتزقتها نار النزاعات اشتعالا و لهيب الانقسامات امتدادا و لم تبد أي اهتمام للدم المتهاطل بغزارة في مدن سوريا و اليمن و ليبيا و قبلهم فلسطين و العراق و الصحراء الغربية ما دامت أجنداتها تطبق بالحرف المتواطئ. أما المنظمات الدولية و الإقليمية و على رأسها الأممالمتحدة فلم تعد قادرة حتى على الشجب و التنديد و الاستنكار خالعة ثوب رجل الإطفاء القادر على التحرك بنجاعة للسيطرة على النيران و مكتفية بالجلوس على الأريكة المريحة مربعة يديها كدليل ساطع على العجز و الاستسلام . لقد سقط مبدأ الشرعية الأممية و رفرفت عاليا شرعية المصالح الهادرة لقيم السلم و الاستقرار الدوليين و مما زاد من عضد المكيافلية الجديدة تيارات اليمين المتطرف المتغذية من نظريات التفوق العنصري و المتشبعة بأفكار الشعبوية و التي نجحت في فرض منطق دولي أكثر تسلطا و قمعا و ظلما شعاره إما معي أو ضدي و من أراد السباحة ضد تيارها فستجرفه سيولها نحو أزمات بلا قرار .