أيّها الجنيّ المارد الذي خبّأ مفاتيح وهران أيتها العذراء الممتشقة ضباب «سانْتا كرُوز» وقباب الفلاة مُري بعطشي و سديم القلب مُري وخُذي بيد الغرق نحو ربابة موت رِهانات البحر المغرورق أسِرّة الغيب وهران مكان يلبس القلق كلّما مرّ بها الغرباء وهران شجار الجمال بالجمال على طرفي إصبعيها تشرئب على أغلالها نتوء وسحاب هيبات «مُونتي كريستُو» المدفونة في سكونها حذاء «سيرفنتاس» مراودا جهات البحر وهران نشيج الأجل بالأجل جرح رخيم في أغنية «راي» منسية وشراب الملح الذي يستغيث وهران عنوة أحزاني ومنّي وسلواي شامخة منذ عويل المرافئ وجوع الرّياح للرّياح وهران المتاهة وسفور الوردة شِباك الأرواح بشارع «العربي بن مهيدي».. وتعثّر المساء بجلباب سريالي لوهرانية تقطع بستان اليقين برجفة القماش وهران حارسة الجسارات والخسارات حارسة الكحل المسنون والضّحكات يرقات الظلام حارسة جهات المُلك الذي يراق على رخام الشّفاء وهران الضّجر السّوسنة وغناء يمسّ فجور الغيمة وهران الحواري وحانات الظلام.. سمك عابث بحرية الوقت إذ لا وقت في وهران.. فراغ مُنكَّه بالأبدية ووجود متقوّض في دمعة غافلة نهارها مجازافات الأفواه ورُتوق الأفئدة ..كيف تحمل قاربا وتلبس انتحارا كيف تُطعن من خاصرتك وأنت تجتاز صخرة العجوز»» Rocher de la Vieille وتستريح على أهبة من ضباب القلق لترى سموم الرّوح تخرج سربا سربا ولتكون الأنا الضالة تسقي نشيج المرفأ الأبهة والكمين المعشَّق.. وهران الجرس الذي لا يعرف الصّدأ وشموخ اللّهجة و«هيْدُور» يربت على كتف البحر كلما ضاقت ضرعا عمارات بأطعمة القيلولة وهران الخيانة الجليلة والوقت المهدور وعتبات الحديد حين يغدو طعم العتبات غبار الأشقياء الذين غادروا إرث الوجع المعلّق بغرور القوارب وانشغال « الحراقة» بالفرار الحاذق وهران المسافة في نبلها وكفرها ونِزالها مع الوقت.. غثّة بصمغ الدّراويش وصليل الغزاة وهران رنين الحداثة شرفة يافعة «لبختي بن عودة» وهو يمسح أزيز المرجاجو باليقين وهران مساءات مضمخة بعطر «عبد القادر علُولة» وعواء الرّكح بأجواده الغائبين.. مرّ من هناك يوما كردينال مزهوا بفلسفة أرسطو كان «محمود بوزيد» يجفف عتبات المبنى العظيم كلّما غادره عاشق مهزوم.. كان يقول ممتحنا فكرنا الصغير بسؤاله العظيم عن فقاعة لا تفقأ سوى مكبوت المدينة الجاحدة « انتظر وجهك أو دُقّ مسمارا وتحرر من أرسطو»... وهران «عبد الله الهامل» صعلوك غامض التواشيح ولزنُوبيا أثر الرّمال وأهزوجة تحملها الآن نملته الكبيرة وهنا على وهن.. وهران بحّة في حنجرة «أحمد وهبي».. «وهرنْ وهرْن رُحتِ خسارة» وهران قُبلة على جبين «حسْني» وفراشة لا تنام على باب المقبرة تلك العُطالة النّائمة بنشيج الأسماء تلك المحطات التي تفاوض إثم المغادرة بقدم حافية ونحن نترك وهران سنديانة النّعاس والرجاءات الطارئة بينما الطّاعون المُكنّى بالمكان الخطأ يسرقنا كما الجرذان التي اجتاحت لغة «ألبير كامو» في غريبه الذي لم يعد غريبا بقدر يُتمنا فرارنا الآسن تاركا شوقنا الهزيل مسغبة اللّيل الذي أشعل بياض حتفنا المبكر وقتلنا المبكر واشتعالنا المبكر.. وهران انسكاب نحو الأعالي حين يكون العالم في الخارج يرتب الغيب ومعاطف الرّاحلين...بفائض من حنين.