الجوع يؤثر على الأعصاب ويفقد صاحبه الصواب فالغضب من الجوع كما يقول مثل انجليزي ولدينا حكاية أعرابي اسمه ابن لسان الحمرة دخل على أهله وهو جائع وعطشان فبشروه بمولود له جديد وأتوه به فقال( ما أدري آكله أم أشربه ؟ ) فقالت امرأته فأطعموه واسقوه فلما طعم وشرب قال ((كيف الطلا وأمه ؟)) فذهبت مثلا والطلا هو ولد الظبي ففي رمضان تمر علينا لحظات صعبة نفقد فيها السيطرة على أعصابنا بفعل الجوع والعطش والتعب والقلق وضيق العيش والغلاء الفاحش الذي يمتص كل مدخراتنا ويفرغ جيوبنا وفينا من يتحمل ويصبر لمصائب الدهر وفينا من يقاوم في صمت وفينا من يضيق صدره وينفد صبره فيكون رد فعله عنيفا قويا وخاصة إذا كان من أصحاب الدخان والشمة أعاذنا الله منهما فإدمانهما مضر بالصحة والمال ومع ذلك يوجد الإقبال عليهما من شبابنا وشيوخنا والفقهاء يسيرون من الكراهة إلى التحريم لأنهما بسبب الإدمان عليهما وإذا أضفنا لهما المشاجرة والخصام تكبر القضية وتتعقد فماذا نفعل ؟ نصوم رمضان أداء للفرض وطلبا للأجر والثواب والمغفرة ودخول الجنة وقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر والتحمل وعدم الغضب وأن يتذكر كل واحد منا فيكل موقف يدعو الى الخصام فيقول (اللهم إني صائم ) ولا نفطر على الزلابية كما فعل احد المواطنين ذات مرة كان عند بائع الزلابية وتعرض للسرقة فاخذ قطعة منها وابتلعها وننتظر غروب الشمس في لهفة واشتياق إلى المائدة وما تحمله من أطباق شهية فنأكل هنيئا مريئا ونبتسم في فرح بصيام يومنا الذي مر بسلام ونهتف ((أين الطلا وأمه ؟)) كما قال ذلك الأعرابي