لم يكن من السهل على وهران التي اختيرت عروسا للمتوسط وستحتضن الطبعة ال19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي يفصلنا عنها أقل من 285 يوما، الظفر بتنظيم هذا الحدث عن جدارة واستحقاق على حساب منافستها مدينة صفاقس التونسية، وذلك بسبب المعايير التي تتميز بها عاصمة الغرب وأيضا بفضل شفافية التصويت الأوروبي، بحكم أن الدول الأعضاء في الاتحاد المتوسطي غالبيتهم من القارة العجوز وليسوا من القارة السمراء، ولهذا السبب حرمت الجزائر في السابق من شرف تنظيم كأس أمم إفريقيا 2017 وليس من السهل على وهران أيضا التي تحولت إلى ورشات مفتوحة للأشغال العمومية والبناء من أجل تهيئة وتشييد المنشآت الكبرى المعنية باحتضان الألعاب التفريط في هذا الامتياز، بعد تقدم وتيرة إنجازالمشاريع التي تنتظر فقط دفعة قوية لاستكمالها، ومنها ما هي بحاجة إلى العناية التقنية والصيانة وبحاجة أيضا إلى مختصين في هذا المجال، فوهران بعدما قطعت أشواطا كبيرة في التحضيرات التي تعاقب عليها الولاة وخطت خطوات عملاقة في عمليات الإنجاز التي مسّت مشاريع الألعاب، لاسيما المركب الأولمبي الرياضي والقرية المتوسطية والمركب المائي، لن تتخلى بدون شك عن هذا الامتياز لمجرد أن بعض المشاريع لم تنجز كما يجب أو لأن هناك تأخرا فادحا لم يتم تداركه، لكن تحتاج وهران فقط إلى الرفع من وتيرة الإنجاز، لتفادي أي طارئ خاصة مع بداية العد التنازلي للدورة المتوسطية، مما يعني أننا في سباق ضد الساعة لاستكمال مختلف العمليات وإنهاء الأشغال في الآجال المحددة، وهو ما شدّد عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي أسدى تعليمات بضرورة الرفع من وتيرة التحضيرات لهذا الموعد، وفي المقابل إعداد الرياضيين وتكثيف التربصات لاستدراك الحصيلة المخيبة للنخبة الجزائرية في أولمبياد طوكيو، وهو ما يؤكد حرص الحكومة، على رد الاعتبار أيضا إلى رياضة الأسوياء، بعدما أعادت إلى ذوي الهمم المكانة التي يستحقونها، عقب تشريفهم للراية الجزائرية في اليابان، ونظرا لأهمية قطاع الرياضة بالنسبة للدولة، فإنجاح حدث رياضي دولى متوسطي بهذا الحجم مرتبط بتوفير كل الوسائل البشرية والمادية وأيضا تهيئة الظروف الملائمة لاستقبال الوفود، وتنظيم المنافسات بشكل جيد، ولن يتحقق ذلك إلا بإصدار تعليمات صارمة لإنهاء الأشغال في الآجال المحددة، وتدارك النقائص التي قد تؤثر سلبا على سيرورة الحدث، فلعل ما تحتاج إليه مشاريع الألعاب غير الجاهزة، هو تعزيز الورشات والتكثيف من الزيارات الميدانية للمسؤولين مع مراقبة طبيعة الإنجاز ونوعية الأشغال على مستوى كل منشأة، لتفادي تكرار السيناريو الذي أساء إلى الملعب الجديد، بفعل تضرر العشب في مناسبتين الأولى في صائفة 2020 والثانية في أوت الماضي، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار آراء المختصين وإيلاء أهمية للتقارير العلمية التي تشخص الأسباب وتقترح الحلول، كما لا بد من إعطاء بالغ الأهمية لجانب التسيير والصيانة الذي يتطلب خبراء من أهل الاختصاص في الميدان، لا سيما فيما يتعلق بالحفاظ على جودة العشب بالملاعب الجزائرية، فضلا عن إسناد كبرى المشاريع المتعلقة بإنجاز الهياكل الرياضة لوزارة السكن والعمران والمدينة من أجل الحرص على جودة الأشغال، على اعتبار أن عمليات الترميم وإعادة التهيئة تتكفل بها مديريات الشبيبة والرياضة، ومن خلال حرص الرئيس تبون أثناء ترأسه اجتماع مجلس الوزراء على إعداد الرياضيين بفتح المجال للشركات الدولية من أجل التكفل بتحضيراتهم للألعاب، فإن على الهيئات الرياضية التجّند أيضا لتدارك نقص تحضيرات رياضيي النخبة الوطنية الذي كانت دائما حجة الفشل في تحقيق النتائج المرجوة فرسالة الرئيس كانت موجهة أيضا للمؤطرين والمدربين ومسؤولي الاتحاديات والقائمين على تسيير القطاع من أجل تسطير الأهداف وتحقيقها أيضا، وليس فقط التركيز على الجانب التنظيمي، وإنما تحقيق حصيلة إيجابية وصعود الجزائريين إلى منصات التتويج سيكون تكريسا لنجاح الدورة بكل المقاييس.