أصبح بإمكان مدينة وهران من الآن فصاعدا، أن تفخر بامتلاكها صرحا رياضيا "تحفة"، يتمثل في الملعب الأولمبي الجديد ببلقايد، تستضيف على ميدانه أكبر التظاهرات الرياضية العالمية؛ كعامل مهم لتطوير الحركة الرياضية بالباهية وهران خاصة، والجزائر عموما. وقع الاختيار على الفريق الوطني للاعبين المحليين، لتدشين هذا الملعب بمناسبة استضافته، وديا، منتخب لييبريا. ورغم ما قيل عن حسرة الرياضيين الوهرانيين لعدم برمجة القائمين على هذه المنشأة، مباراة من الحجم الكبير باستضافة منتخب عالمي أو على الأقل أحد كبار القارة الإفريقية، وحجتهم أن التاريخ الكروي لمدينة وهران يعطيها الحق في ذلك، بحسبهم ، باستضافتها في أزمنة ماضية متقطعة، منتخبات وأندية عالمية، وأقداما ذهبية، صنعت أمجادا كروية خالدة من قيمة المنتخب البرازيلي وجوهرته "بيلي"، الذي قابل المنتخب الوطني يوم 17 جوان 1965. ورغم كل ذلك، نظرة الجهة المكلفة بإنجاز هذا الصرح الكروي ممثلة في مديرية التجهيزات العمومية، مغايرة؛ فالوقت أصبح سيفا على الرقاب، وجائحة "كورنا" عطلت، و"أفادت". وطبقا لورقة الطريق المرسومة ودفتر الشروط المتفق عليه، فإن الملعب يسلم عاما واحدا قبل أكبر تظاهرة رياضية، ستحتضنها مدينة وهران، ويتعلق الأمر بالطبعة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط في الفترة الممتدة من 25 جوان إلى 5 جويلية 2022، ومن ثم يجب إخضاع هذا الهيكل الرياضي للتجريب اللازم الآن، للوقوف على مدى جاهزيته لاحتضان المباريات الكبيرة، ومعالجة أي نقائص تظهر، والمنظمون في سعة وقت، ثم إن تنظيم المباراة التديشنية لأول أمس بين المنتخب الوطني الجزائري المحلي ونظيره الليبيري، ما هو إلا تسليم مؤقت لهذا الملعب الأولمبي الجديد، قبل تسليمه نهائيا شهر سبتمبر القادم ضمن مرافق أخرى للمركّب الأولمبي؛ كملعب ألعاب القوى بسعة 4200 مقعد، وقاعة متعددة الرياضات بسعة 6000 مقعد، ومركب مائي بثلاثة مسابح، وكل هذه الهياكل موجهة للعرس المتوسطي، بعدها تكون مغنما للرياضة والرياضيين بمدينة وهران. وإضافة إلى هذا وذاك الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن تفشي فيروس "كورونا" ما فعله ويفعله بالعديد من التظاهرات العالمية، منها ما جرت في ضيق زماني ومكاني، وأخرى تتأرجح بين التثبيت والإلغاء، مع لغط كبير مرافق لها؛ كالألعاب الأولمبية بطوكيو البابانية المقررة هذه الصائفة، ومسابقات ألغيت تماما تحوّطا من الفيروس القاتل. 142 مليون دولار و13 سنة إنجازا! الملعب الأولمبي الجديد بوهران من ضمن مشروع بناء مركّب أولمبي، خُطط له في ديسمبر 2006، واختير شرق عاصمة غرب البلاد، مكانا لإنجازه من قبل الشركة الصينة "أم.سي.سي"، وتحت إشراف مديرية التجهيزات العمومية بوهران. وقد تم على عمق 15 مترا تحت الأرض لتهيئة أرضية الملعب. أما الهيكل الخارجي فهو من الحديد والصلب، ويزن 3000 طن، والملعب مزود بكاميرات للمراقبة، و4 مراكز للحراسة، ومرآب للسيارات بسعة 1500 سيارة. وكان من المقرر أن يتسع ل 75 ألف مقعد قبل أن تخفض طاقة استقباله إلى 40 ألف مقعد. وكلف غلافا ماليا ب 142 مليون دولار من ضمن غلاف مالي ب 800 مليون دولار، رُصد لإنجاز منشآت رياضية جديدة، وتأهيل أخرى في إطار تحضيرات عاصمة غرب البلاد، لتنظيم الألعاب المتوسطية لعام 2022. وعرف خلال ثلاثة عشرة (13) سنة التي استغرقها - وهو حيز زمني قياسي للإنجاز- عدة عراقيل، فضلا عن الأزمة الصحية التي سببتها جائحة "كورونا". وإداركا منها للانعكاسات السلبية التي قد تنجر عن أي تأخير محتمل في تسليم هذه المنشأة الهامة، قررت السلطات العمومية التدخل لحسم الأمور بصفة جذرية، وهو ما ترجمته القرارات التي اتُّخذت عن الاجتماع المشترك الذي ترأسه الوزير الأول السابق نور الدين بدوي يوم 18 جوان 2019، والذي كان بمثابة دفعة تحفيزية كبيرة للرفع من وتيرة أشغال الملعب، وباقي المنشآت التكميلية للمركب الأولمبي، وكذا القرية المتوسطية، وتدارك التأخر المسجل بها. 40 مليون دولار لتجهيز وتسيير الملعب وباقي المنشآت ومنذ ذلك الحين تحركت الأمور، وبفضل تلك التعبئة الهامة للموارد المالية والبشرية وتسوية أغلب المشاكل التقنية والمالية والتعاقدية، ارتفعت وتيرة الأشغال بشكل كبير بالورشات المعنية، إلى أن بلغت 95 ٪ بحسب فؤاد عايسي مدير التجهيزات العمومية بوهران، الذي أكد أن ما تبقّى إلا رتوشات أخيرة حتى يسلَّم جاهزا في الأشهر القليلة القادمة، بعدما جُربت كل تجهيزاته الداخلية نهارا وليلا في الفترة الأخيرة. ولأجل تسيير حسن لهذا الملعب "الجوهرة " وباقي الهياكل الرياضية، كشف المدير العام للألعاب المتوسطية سليم إيلاس، عن تخصيص غلاف مالي قدره 40 مليون دولار، كميزانية تجهيز وتسيير المنشآت الجديدة، الموجهة لتنظيم الطبعة 19 للألعاب المتوسطية المرتقبة من 25 جوان إلى 05 جويلية 2022. 170 مليون دج لعشب طبيعيّ عالميّ تبلغ التكلفة الإجمالية لأرضية ميدان الملعب الأولمبي الجديد 170 مليون دج. ولتغطيته اختير له عشب "الهيبريد"، وهذا النوع من العشب ذو جودة عالية، ومعمول به على مستوى الملاعب الأوروبية، كما أكدت نتائج التحاليل المخبرية، وزيارات اللجان العالمية المختصة؛ في صورة مخبر "سبور لابس" المعروف عالميا، والذي صنف جودة العشب الطبيعي في الدرجة الخامسة . وعشب "الهيبريد" هو المزج النهائي بين العشب الطبيعي والعشب الاصطناعي؛ حيث يجمع بين جميع فوائد العشب الطبيعي، مع قوة ومتانة العشب الإصطناعي. كما يتكون من ألياف "أوميغا" عشبية ذات جودة عالية، ويوفر نظاما مثاليا لتعزيز العشب. كما يتميز بسهولة إصلاح الأضرار إن حدثت عن طريق استبدال القطع. وتحتوي أرضية ميدان الملعب الأولمبي الجديد على نظام سقي عصري، يُستخدم لأول مرة في الملاعب الإفريقية. وهذا النظام مجهز بكمبيوتر به تطبيق مربوط بواسطة "الويفي" بمحطة الأرصاد الجوية لمطار أحمد بن بلة الدولي بوهران. وتسمح هذه الطريقة بالحصول على معلومات من المحطة المعنية، مما يساعد على برمجة أوتوماتيكية لسقي أرضية الميدان بكيفية فعالة، استنادا إلى المعطيات المناخية المتحصل عليها، وحتى الميدان الملحق سيخصص له عشب " الهيبريد". مضمار عصريّ لألعاب القوى استفاد الملعب الأولمبي الجديد بوهران، من مضمار عصري لألعاب القوى ب 10 أروقة، تم استيراده من سويسرا، وهو ذاته الذي تتوفر عليه ملاعب أوروبية كبيرة، على غرار زيوريخ (سويسرا) وبرلين (ألمانيا) وموناكو (فرنسا)، فيما يُعد ملعب أديس أبيبا بأثيوبيا الوحيد في القارة الإفريقية، المجهز بمثل هذا المضمار، الذي يساعد الرياضيين على تحقيق أفضل النتائج. وقد عرف مضمار ألعاب القوى تأخيرا بسبب صعوبات في استيراد المواد الأولية اللازمة من سويسرا، ودخول الخبراء الأجانب لمعاينته والتصديق التقني عليه بسبب التدابير الوقائية ضد انتشار وباء فيروس "كورونا". وكغيره من الهياكل التكميلية، خضع مضمارألعاب القوى لمتابعة اللجنة المتخصصة، التي أنشئت من أجل متابعة مطابقة المنشآت الرياضية، أو تلك التي أعيد تهيئتها تحسبا لألعاب البحر الأبيض المتوسط 2022 بوهران مع المعايير الدولية. وزار ملعب وهران مدرب المنتخب الوطني جمال بلماضي، والرئيس السابق للاتحادية الجزائرية لكرة القدم خير الدين زطشي منذ بضعة أشهر؛ حيث أبديا إعجابهما الكبير بهذه المنشاة التحفة، غير مستبعدين إقامة مباريات المنتخب الوطني الأول على ميدانه مستقبلا، لكن سبقه منتخب المحليين لتدشينه، وكان ذلك في يوم تاريخي، وفي أبهى حلة نالت إعجاب الجميع وسعادتهم، بمن فيهم الأندية الكروية الوهرانية، التي تأمل الاستفادة منه. ولا يقتصر ذلك على المباريات الدولية، ومباريات الامتياز فقط، كما صرح بذلك الوزير الأول عبد العزيز جراد خلال زيارة سابقه له.