لماذا لا يصاب الخطاب الانتخابي بالتخمة رغم التهامه واجتراره على مدى عقود قناطير مقنطرة من الوعود؟..سنقضي على البطالة وسنعيد الأمل للشباب حتى لا يقدمهم البحر طبقا لقاطنيه، وسنرفع القدرة الشرائية ونمنح الشقق والسكنات ونعبد الطرقات ونبني المرافق والمنشآت ونحارب المحسوبية والرشوة وكل الآفات وننظف المدن والقرى من الأوساخ والنفايات، ونهتم بالتعليم والتكوين والتثقيف ونوحد الصف الوطني في وجه الدسائس والمؤامرات...ثم يجلس المنتخب على أريكة المسؤولية وسرعان ما ينتفخ بطنه منتشيا بالانتصار الساحق، فتطير أزرار القميص من شدة الضغط وتطير معها كل الوعود والتعهدات. إن السبب الرئيسي في عزوف نسبة كبيرة من الهيئة الناخبة عن ممارسة حقها الدستوري في التصويت في الاستحقاقات المحلية السابقة، هو الإحباط واليأس وعدم الثقة في كل حرف تقاذفته أفواه المترشحين الذين كانوا يرون في المقعد البلدي أو الولائي أو التشريعي مغنما ومسلكا نحو النفوذ والمال والامتيازات على حساب مصالح المواطن واهتماماته وانشغالاته اليومية. واستعادة ثقة المواطن في العملية الانتخابية كأداة تشاركية في تسيير البلاد بما ييسر عليه حل مشاكله ويذلل له العقبات والصعاب نحو حياة آمنة ومستقرة تحتاج إلى أفعال ملموسة وإجراءات مترجمة على أرض الواقع وليس إلى كلمات رنانة وخطابات تجنيدية تتمايل على حبلي الحقوق والواجبات وسرعان ما تهوي في وادي المقاطعة السحيق، ومعلوم أن الإجراء الأهم هو تجديد الوجوه الشابة والأسماء البعيدة عن شبهة الفساد بمختلف تصنيفاته وتكييفاته القانونية وأن تكون من خارج المنظومة القديمة المستهلكة دعائيا وإعلاميا لأن أي محاولة لانتشال بعض الجثث السياسية لدب الحياة الانتخابية فيها من جديد هو زيادة في نسبة العزوف الانتخابي الذي هو في حقيقة وجوهر متبنيه سابقا ليس استجابة لدعوة جهوية أو إيديولوجية أو حزبية أو عدم اقتناع بالبرامج التنموية المعروضة وإنما في عدم الثقة في لاعبي العملية الانتخابية وفي نتائجها المحسومة مسبقا فهل ستتغير النتائج ما دامت القواعد تغيرت والوجوه تبدلت؟.