مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة المقررة في 5 فبراير 2022 تبعا للمرسوم الرئاسي رقم 21/514 المؤرخ في 22 ديسمبر 2021 , يثار النقاش حول كيفية اختيار الأحزاب لممثليهم الذين سيفوزون بمقعد سيناتور في مجلس الأمّة ، و الذين يتم التصويت عليهم من ضمن المنتخبين الأعضاء في المجالس الولائية ، و بالتالي يطرح التساؤل حول ماهية الشروط التي تضعها الأحزاب لاختيار مرشحيها للترشح لمجلس الأمة ، و هل ستبقى معايير الاختيار هي نفسها تلك التي كانت مبنية على الولاء الشخصي و استعمال المال الفاسد و المصالح المادية الضيقة التي لا تخدم الحزب و لا الهيئة التشريعية الممثلة في الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري و لا المجتمع بصفة عامة ،أم أن المعيار هذه المرة سوف يتماشى مع فكرة الجزائر الجديدة فيكون على أساس الكفاءة و تاريخ النضال في الحزب و بالتالي يضم المجلس كفاءات تزيد من قوته و قدرته على أداء عمله وواجباته الدستورية تجاه الأمة نسبة إلى تسميته ، و يأتي هذا في إطار نقاش أعمق حول دور الأحزاب في العمل النضالي و أخلقة الحياة السياسية و بناء هيئات منتخبة رقابية قوية، فلا ريب أن الحزب هو أساس العمل السياسي في أي دولة باعتباره الإطار القانوني و الدستوري و عنوان الأداء السياسي داخل المجتمع لاسيما أن المشرع أشار إلى الحزب في الدستور و أكد أنه ينشأ بموجب قانون عضوي الذي يعد أسمى القوانين بعد الدستور و هو ما يبين أهمية الحزب الذي يجزم المختصون في المجال السياسي أنه أصبح مجرد ديكور في العمل السياسي و قوته تكمن في "الشكارة" التي تظهر مع أي موعد انتخابي و عدم الاعتماد على عنصر الكفاءة في الشخص المنتمي إلى الحزب و هو ما ينتج عنه هيئات منتخبة بعناصر بشرية غير قادرة على التسيير الأمثل و هذا بدوره يرهن مصالح المواطن. التشكيلات السياسية وعاء يصفّر خواءً ويري البروفيسور براسي محمد أستاذ بكلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس أن أساس مشكل الأحزاب السياسية هو فقدان الثقة من قبل المواطن ، أي تأثر العنصر البشري الذي تتكون منه هذه الأحزاب و الذي لم يعد يرى فيها وسيلة لتحقيق مطالبه بسبب ما حدث في السنوات الماضية و خروج هذه الأحزاب عن الدور الحقيقي لها و هو ما جعل المشهد السياسي يتسم بنقص في النشاط السياسي و ضعفه أثر مباشرة على عمل الهيئات و المجالس المنتخبة المشكلة من مناضلي الأحزاب السياسية التي فقدت القدرة على التأثير و الإقناع سواء العتيدة أو الصغيرة أو تلك المجهرية. ومن جهته يقول الدكتور إدريس علي أستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة سيدي بلعباس بأن جميع الأحزاب لا تزال بحاجة إلى مراجعة حقيقية لبنيتها و إستراتيجيتها بما يتوافق و متغيرات الواقع السياسي الراهن باعتبار أنها هي من تمثل الهيئات المنتخبة و من ذلك مجلس الأمة إن خصائص الواقع السياسي الراهن في الجزائر حسب الدكتور هو انعكاس للتراكمات التاريخية و التجربة الديمقراطية الجزئية لأن القوى الاجتماعية المسماة أحزابا نشأت و تكونت في ظل أوضاع سياسية غير مستقرة،الأمر الذي ربط دورها الاجتماعي و السياسي بالمناسبات الانتخابية فقط مثلما نحن نعيشه اليوم فقد دبت الحياة بمقرات الأحزاب بعد إعلان الرئيس عبد المجيد تبون موعد إجراء انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة لتعزيز المشاركة في هذا الموعد الانتخابي باختيار الممثلين و الالتفاف حولهم و تقديم الدعم لهم.