الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، من المحطات البارزة التي دمغت التاريخ النضالي الوطني وأعطت له زخما ثوريا في عز الثورة المسلحة التي خاضها الشعب الجزائري ضد المستدمر الفرنسي الغاشم، وهي الذكرى التي برهن فيها عمالنا أنهم جزء لا يتجزأ من الوطن الذي كان يرزح تحت نير الاستعمار البغيض، وقدّم العمال ما قدّموا من شهداء أبرار مازال تاريخنا يذكرهم بكل فخر واعتزاز..ولا أدلَّ على ذلك الشهيد العمالي والنقابي عيسات إيدير مؤسس الاتحاد العام للعمال الجزائريين.. أضف إلى ذكرى تأميم المحروقات التي كانت في سنة 1971 حينها دوى الرئيس الراحل هواري بومدين بقراره الثوري المتضمن تأميم ثرواتنا الوطنية الباطنية التي كانت الشركات المتعددة الجنسيات لا سيما الفرنسية منها تستغل ثمارها بأثمان بخسة وفق بنود تعاقدية مجحفة للطرف الجزائري، فكان لزاما على القيادة السياسية في تلك الفترة أن تأخذ زمام الأمور وتقرر التأميم من أجل تعميم الاستقلال الوطني على كافة المجالات السيادية الجزائرية، إذ رفع الشعار الخالد أن الاستقلال السياسي يظل مبتورا طالما لم يعزز بالاستقلال الاقتصادي الذي هو مربط الفرس في المعادلة التنموية الوطنية.. فالذكرى عبرة لمن يعتبر بأن الأمور تؤخذ غلابا وأن ثروات الجزائر تظل جزائرية لأنها تستخرج من بواطنها وكوامنها وليست مستوردة من أي بلد أجنبي، فهي مخضبة بدماء الشهداء مثلما كان يردد دوما الرئيس الراحل بومدين. اليوم لابد لنا من التشبع بمعاني هذه الوقفة المشرفة في تاريخ الجزائر، والعزم مرة أخرى على رفع التحدي القائم وهو تحدي الرهانات التكنولوجية في التنقيب والاستغلال الأمثل للثروات المعدنية والنظيفة، ومسايرة المستجدات العالمية في مجالات المحروقات والطاقات المتجددة بعقول وأدمغة جزائرية لها هي الأخرى من الإرادة الفولاذية ما تستطيع به تحقيق المرامي والحلم الذي حمله شهداؤنا الأبرار في رؤية الجزائر أمة قوية متطورة متكلة على سواعد أبنائها وبناتها ليس إلا.. هي إذن وقفة تستحق التنويه بعمالنا وعاملاتنا الطامحين إلى المزيد من الرقي والعيش الكريم، وأيضا شدٌّ على أيدي جميع الكفاءات الشابة العاملة في حقول البترول والغاز لفرض الذات دون خجل أو وجل لمواصلة المسيرة الموسومة بوجوب التحرر من قبضة المحروقات وركوب شراع عباب اقتصاد قوي متنوع يكون فيه العقل والابتكار هو الطاقة المستقبلية.