تمكنت "الجمهورية" من خلال جمع المعلومات والوثائق النادرة عن تاريخ الثورة التحريرية ضد المستعمر الغاشم، من خلال شهادات حية من طرف مجاهدين وضعوا بصماتهم التاريخية رفقة الشهداء الذين ضحوا على عزة البلاد والعباد ،ومن هذا الباب لسنا هنا عن البحث والدراسات التي تحاضر هنا وهناك عن الثورة المجيدة والمناطق الساخنة ،وإنما المساهمة في تذكير كتاب التاريخ عن كل منطقة بدون تزييف ،وبالتالي التعريف ببطولات أبنائها وهذا من حق أي منطقة في ربوع جزائرنا الحبيبة قد يبدو، حتى يتمكن الجيل الصاعد من معرفة من ضحوا على هذه البلاد ،وبالتالي معرفة مناطقهم الثورية، ومن خلال جولة "الجمهورية "لبلدية تاود توت" التابعة لولاية سيدي بلعباس التي سمعنا عنها من قبل هنا وهناك من أفواه شيوخ ومن لهم دراية خاصة بالثورة الجزائرية وبالأخص بهذه المنطقة "تاود موت" ومن لا يعرف هذه المنطقة التي تبدو في يومنا هذا منطقة منسية لا يعرف أهلها حتى معنى اسم جريدة لان ببساطة لم يصلهم أي عنوان من كثرة عناوين الجرائد وقد لا يعرف البعض الكثير عن هذه المنطقة التي يعيش أهلها البسطاء أسوء أيام الشتاء بمعنى آخر البرد القارص بهذه المنطقة لا يطاق يسجل معدل أكثر من 20 تحت الصفر أو أكثر، ومن لا يقرأ عبر الكتب التاريخية ولا يسمع عنها إنها تاود موت سماها الجيش الفرنسي المستعمر »مثلث الموت« بمعنى آخر ليس مثلث الذي اغتنمته أيادي الغدر في العشرية السوداء التي أهلكت العباد وكانت قاب قوسين من تحطيم هذا الوطن الغالي، وحتى لا نبتعد كثيرا، لنعود لهذه المنطقة التي تعد اول منطقة رفع فيها العلم الجزائري، إذن علينا أن نحاول قراءة تاريخنا من جديد، ولا يجب أن نبدأ في كتابة التاريخ من مرحلة معينة دون أخرى، أو إبراز فكرة عن تاريخ المناطق الجزائرية على حساب الأخرى ،تاريخنا يجب قراءته بالسلبيات الكثيرة التي عششت في ماضينا وحاضرنا قد تطمس الحقيقة للأجيال الصاعدة،والايجابيات التي عكست بعضا من مراحل مرت علينا، ولنبدأ من هنا أنها منطقة المحاميد بلدية تاود موت ولاية سيدي بلعباس القريبة من ولاية سعيدة بحكم المسافة 50كلم وحكم الترابط العائلي أكثر، الراحل هواري بومدين مرّ من هنا سنة 1957 كانت تنتمي إلى الولاية الخامسة المنطقة الخامسة الناحية الثانية حصر دورها بداية الآمر قبل اندلاع الثورة تنظيم وتوعية الجماهير على الكفاح المسلح في وجه الاستعمار وتجنيد أبطال من أبناء تلك العروش ،وحسب شهادة معاشو محمد الذي زودنا بالوثائق والمعلومات من اجل تحقيق كتابة هذا الموضوع الاستطلاعي عن هذه المنطقة الخامسة ،وكان وراء إلقاء خطاب تاريخي يبرز خصال منطقة تاود موت ،حيث في سنة 1956 أصبحت "تاود توت "مركز وعبور وملجأ ثورة التحرير الوطنية ،زارتها عدة قيادات من المناطق المجاورة ، المنطقة الثامنة والمنطقة السادسة والمنطقة الأولى حتى الراحل هواري بومدين زارها في أواخر 1957 والعقيد عثمان قائد الولاية الخامسة ،كانت تمتلك أسلحة كثيرة ومختلفة بمراكز التدريب والاستشفاء مثل مركز بني موسى وجقارة تازناقة وزويجة ومركز مولاي عبد القادر ،كان يشرف على هذه المراكز مجموعة من القيادات منهم حملات الماحي ،هذه المنطقة يتحدث الحاج معاشو محمد ،تملك فوجا لنقل الأسلحة والأدوية من ثكنات هواري بومدين بالمملكة المغربية إلى المنطقة الخامسة ونقل الأسرى والأجانب وتبديلهم بالأسلحة إلى الدولة الألمانية وكان من جماعة هذا الفوج معاشو مصطفى المدعو علال والسيد حملات محمد المدعو مجذوب والبقية استشهدوا بجرف التراب بالناحية الثانية وكان من أبناء القرية ثلاثة قياديين كبدوا العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في المعارك تندفلة (سيدي علي بلدغم جقارة تزناقة القديرات الخشبة سيدي دومة ورميلا) وحطموا كذا من الطائرات الحربية والمذرعات واستولوا على مختلف الأسلحة ، من بين هؤلاء المجاهدين حملات البغدادي، ومنهم من استشهدوا سنة 1959 و1961 رحمهم الله . استعمل العدو كل وسائل لخنق ثورة التحرير بوضع أسلاك خط موريس والمحتشدات وتخطيط للقبض على بن بله وأصحابه لفشل القضية الجزائرية: ونظرا لإستراتيجية المنطقة فقد ركز الاستعمار الفرنسي في إطار تطبيق مخططاته الجهنمية العدوانية كحرائق الغابات بالقنابل المحرمة دوليا وهدم المنازل وترحيل المواطنين وجمعهم في محتشدات صغيرة منها ( تافسور ، وعلة ، ملزة ، مرحوم ، فقرم ، تاودموت) وقتل بعض العائلات والسجن والتعذيب البعض منهم ومنع المناضلين من الاتصال بالمجاهدين والتسلط على شعب المنطقة ولكن أبناء المنطقة كانوا لهم بالمرصاد في وجه القوى المدعمة من طرف الحلف الأطلسي حيث قاموا بهدم الجسور وحرق مزارع المستعمرين وقطع جميع أعمدة الهاتف في جميع الاتجاهات وزرع الألغام المضادة للمذرعات في طريق مسالك العدو حتى أرغمته على حمل المواطنين الجزائريين كذروع بشرية خوفا من انفجار الألغام وكانت محتشدات الخاصة بتاودموت المحاميد والخلايفة مقر وملجأ وعبور الثورة التحريرية الوطنية عندما استعمل العدو كل الوسائل لخنق ثورة التحرير بوضع أسلاك خط موريس والمحتشدات وتخطيط للقبض على بن بله وأصحابه لإفشال القضية الجزائرية لكن عزم وإرادة أبناء الجزائر المجاهدة كانت أقوى من كيد الاستعمار في سنة 1961جاءت أوامر من قيادة الجبهة وجيش التحرير بتجنيد شباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20-30 سنة لكي يخلفون إخوانهم الذين استشهدوا في الحدود وداخل الوطن ومنهم من دخل السجن حتى سنة 1962 فرحة آخر طلقة نارية يوم 19 مارس 1962 ورفع العلم الجزائري عند توقيف الحرب ورفع علم الحرية في تاودموت بحضور القوات المسلحة لجيش التحرير الوطني من جميع المناطق وقسمنا الجيش على ثلاث مراكز القيادة وثلث الجيش مركز كريم محمد المدعو رقاني تاودموت المقر الرئيسي كاتب محمد عرار و رئيس مقران وثلث جيش مركز فرح بن فريح والثلث الأخير مركز عبد القادر ولد الشارف فيض عربي والمجاهدين الذين حضروا فرحة أول طلقة لتوقيف الحرب يوم 19 مارس 1962 في تاودموت منهم الملازم: كويس قائد الناحية الثانية والمساعد قادة حريري قائد القسم والنائب قائد الناحية فقيه علي، وبعدها خرجوا الضباط من السجن والتحقوا بالمركز، انظم بعض المناضلين من الولايات المجاورة منها: وهران، سعيدة، سيدي بلعباس، تلمسان، معسكر، تيارت. وأصبحت منطقة المحاميد محررة. وجاءت القيادة الفرنسية وطالبوا من قيادة ثورة التحريرية الحوار والهدنة ومقابلة البطل قادة حريري الذي قالت عليه فرنسا إنها قضت على كل المجاهدين وبقي إلا قادة حريري الذي لا زال على قيد الحياة شفاه الله ،حيث تم الاتفاق مع ويس وقادة حريري على المناطق المحررة التي يتجول فيها جيش التحرير بكل حرية وهي تاودموت المقر الرئيسي للقيادة الثورة التحريرية تفاسور ووعلة فقرم، مرحوم، وعرفت قوات العدو أن ثورة التحرير الجزائرية قوة لا تقهر وبدأت عساكر العرب الذين كانوا في جيش العدو يتسربون بدباباتهم وأسلحتهم وطلبوا من قيادة جيش التحرير المعذرة والعفو فقبلت منهم القيادة الثورة وبعد أيام قليلة بعث القائد هواري بومدين قايد احمد المدعو كومندار سليمان بتنظيم الجيش وأعطى أوامر للقيادة الناحية لقبول أي عسكري عربي يأتي من قوات العدو فهو مقبول في صفوف جيش التحرير الوطني وتقسمت المسؤولية على الضباط شادلي الحاج المدعو مصطفى مسؤول العرش وتصحيح العضوية مع معاشو محمد المدعو حمو و كريم ، برزوق ومحمد، والتاريخ يبدأ من هنا...