كان موضوع "خمسون سنة من الأدب الجزائري و ماذا بعد " محل نقاش جمع مساء الجمعة أربعة من الأدباء الجزائريين في إطار الطبعة الخامسة للمهرجان الدولي للكتاب و أدب الشباب . و قد ابرز المشاركون في اللقاء وهم أنور بن مالك و مايسة باي و عبد القادر حميدي و يحيى بلعسكري ان الأدب الجزائري" أصبح يهتم أكثر بالفرد و الذات و الحديث عن الهواجس و المعانات الداخلية لإبطالهم بكثير من الراحة". و اعتبر الكاتب أنور بن مالك ان الأدب الجزائري "تقدم بخطى كبيرة في الأعوام الاخيرة وتحرر من النمطية و تقسيم الأمور إلى قطبين لا ثالث لهما" مشيرا الى انه في البداية كان هناك نوعين من الكتابات "الأدب الذي يرضي والأدب المعارض مما جعل جانب السياسي يطفو أكثر على كتابات تلك الفترة كما أكد. وأضاف ان اهتمامات المجتمع لا تقتصر على السياسية بل هناك الجوانب الذاتية او البعد الإنساني في الأعمال الأدبية التي تحمل هموم الكاتب التي قد يتقاسمها الكثير من القراء. و اعتبر من جهة أخرى ان الكاتب لا يمكن ان يكون شاهدا سلبيا على ما يعيشه مجتمعه مشيرا الى انه بإمكان الكتابات الأدبية ان تساهم في خلق نوع من تقبل الفكر الأخر و مناقشات المشاكل المعقدة و التناقضات التي قد تنشأ في المجتمع دون الوصل الى صراعات و تصادم. و اعتبرت الكاتبة مايسة باي التي جاءت الى عالم الكتابة متأخرة نوعا ما -قال الجامعي محمد ساري الذي أدار النقاش ان شغفها بقراءة الأدب و حب الإتقان أخرها عن الكتابة- أعتبرت ان الأديب شاهد على ما يجري في مجتمعه. و تحدثت مايسة ككاتبة و كامرأة في مجتمع لم يتخلص بعد من بعض الأفكار تجاه المرأة او انه "رغم بروز الأدب النسوي في الأعوام الأخيرة إلا انها مازالت مترددة في تناول بعض الأمور في كتاباتها لاسيما ما يتعلق بالجوانب الحميمة في كتابات المرأة". و في تطرقه لمسالة الأدب و التاريخ قال الكاتب و الصحفي عبد القادر حميدي انه يستحضر في رواياته بعض الإحداث التاريخية معتبرا ان الرواية انعكاس لما يجري في المجتمع و من بينها الأحداث التاريخية و السياسية و ان شخوص رواياته يمكن لهم أيضا ان يسالوا التاريخ و يبحثون عن حقائق لفهم الواقع. و يبدو ان ميل الكاتب لدمج الإحداث التاريخية في رواياته من خلال واقع أبطاله نابع من تأثره على غرار الكثير من أدباء جيل التسعينات بالأدب اللاتينو-امريكي. و تتميز كتاباته بمستويين في السرد تنطلق من النظرة الواسعة للمجتمع وواقعه لتنتهي بالنظرة الذاتية للبطل و هواجسه. وركز الكاتب و الصحفي يحي بلعسكري في تحليله للأدب و الرواية الجزائرية على الجانب الذاتي و الإنساني حيث تنطلق رواياته من إحداث ذاتية عاشها هو او اقرب الناس إليه حيث تتأثر كتاباته بالأطوار و الحالة الداخلية التي يمر بها في تلك الفترة . و دعا الكاتب بالمناسبة إلى ضرورة الاهتمام بالأدب الجزائري القديم لان تاريخ الأدب الجزائري تضرب جذوره في عمق التاريخ الإنساني . و خلص المشاركون في هذا اللقاء الأدبي الذي حضرته وزيرة الثقافة خليدة تومي الى ان الأدب الجزائري اصبح خاصة في العقدين الأخيرين أكثر ميلا الى معالجة المواضيع المتعلقة بالفرد من خلال الاحداث و التطورات التي يعيشها المجتمع بأساليب تصل كتاباته الى القارئ " .