مفدي زكرياء الذكرى ال 57 لعيد الطالب الجزائري ،كانت وما اتفكت تشكل نقطة محورية في تاريخ الحركة الوطنية ومعلما مشرق في مسار الكفاح المسلح للشعب الجزائري ،فالطلبة حينما قرروا الإضراب الخالد الموافق ل 19 ماي 1956 ومقاطعة الدراسة في ثانويات وجامعات العدو ،كان ذلك من صميم الإرادة الجزائرية الواعية بأن الاستدمار الفرنسي يجب دحره بلغة السلاح ،قبل لغة القلم ،في قناعة راسخة منهم أن افتكاك الشهادة العلمية من الجامعات لن تزيدهم شرفا ومجداً طالما منحها لهم الاستعمار وطالما هم وشعبهم يرزحون تحت نيره فكانت بذلك تلبية لنداء جبهة التحرير وجيش التحرير في اتجاه الطلبة الجزائريين خصوصا وأن الثورة كانت في عامها الثاني المبارك وهي في أمس الاحتياج للكوادر العسكرية المسيرة للثورة (...) ولابد من الإشارة الى أن إتحاد الطلبة المسلمين الجزائرين لم ير النور هكذا بصفة عفوية بل سبقت تلك الولادة تحضيرات مكثفة كان على رأسها نخبة من الطلبة الشباب آنذاك أمثال لمين خان، بلعيد عبد السلام ،طالب الإبراهيمي وآخرون كانوا يدرسون في الجامعات في اختصاصات الحقوق والطب (...) فكانت البداية وقتها في فرنسا قبل 1956 حيث تم تكوين إتحاد طلبة شمال إفريقيا والذي كان يضم في رحمه طلبة الشمال الإفريقي بأقطاره فتكتلوا ليكونوا قوة فكرية ومعنوية لمجابهة أفكارالإحتلال الفرنسي المسمومة إلا أن الطلبة الجزائريين كانوا في وضع خاص بمعنى أن ثورتهم مشتعلة ولهيبها لم يخمذ فكانت الحاجة الماسة الى الالتحاق بصفوف الإخوان والأخوات المجاهدين والمجاهدات في كل الولايات ليفوزوا بشهادة الشرف والمجد والتضحية في سبيل الله والوطن. والسجل الطلابي زاخر بمآثر من صنعوا الملحمة الثورية مثل الشهيد طالب عبد الرحمن الذي أعدمته السلطات الإستعمارية والشهيد زدور إبراهيم بلقاسم وطلبة آخرين لا تعرف قبورهم حتى الآن ،ذادوا عن حياض هذه الأمة ،فاسترخصوا كل شيء فكان شعارهم الجزائر أولا وقبل كل شيء واليوم والجزائر تحيي هذه الذكرى العزيزة فإنها لم تنس ذلك الجيل المتميز فأطلقت أسماءهم على الشوارع الرئيسية والساحات العامة والمراكز العلمية عرفانا بتضحياتهم وتقديرا لإخلاصهم لواطنهم الذي أحبوه حتى النخاع فامتزاج دم الشهيد الطالب بدم الشهيد في الريف والمدن لدليل على أن الثورة كانت شعبية في عمقها وطنية في توجهها وجزائرية في حريتها وذلك ما يحتم على طلبة اليوم أن يواصلوا المعركة بسلاح العلم والمعرفة والتمسك بالأصالة والتفتح على المعاصرة مكملين مسيرة الشهداء الذين كانوا في مثل 19 ماي 1956 طلبة مثلهم وفي ريعان الشباب بل أن طلبة اليوم أحسن حظا من القوافل الأولى لأنهم يدرسوم في جامعات تخفق فوقها راية الحرية والاستقلال فإن كانوا بالأمس سنداً للثورة فالطلبة اليوم هم سند الوحدة الوطنية وزاد الجزائر في سنينها العجاف ونورها في الليالي الحالكات بالاعتماد على الفكر وتخليص البلاد من التبعية التكنولوجية وتحقيق نهضة علمية تقنية وطنية حتى وإن كانت جامعاتنا تعرف مشاكل فهذا ليس طابعا مميزا لها لأن كل المعاهد والجامعات في بقاع الدنيا لها ما يكفيها من المنغصات ليبقى الحوار والتشاور هو السبيل الأنجع لتلبية المطالب المشروعة بمزيد من الوعي والفطنة السياسية تفويتا للفرص على المتربصين بالبلاد والمضمرين لها السوء من كل حدب وصوب. فالطلبة الأمس لبوا نداها والمنايا صارخات وطلبة يلبون نداها في خضم التحديات.