زارنا بمقر الجريدة في نهاية الأسبوع المنقضي اللاعب القديم لإتحاد بلعباس السيد عبد القادر صنور، فكانت لنا فرصة تجاذب أطراف الحوار معه، ونبش الماضي بمرّه وحلوه، وقد استفدنا كثيرا من الذكريات الطيبة التي يحتفظ بها هذا الرجل المتواضع الذي حافظ على أخلاقه الرفيعة التي إكتسبها من تربيته وسط أسرته المحافظة والمنتشبتة بتعاليم ديننا الحنيف وكانت بداية حوارنا بالسؤال التقليدي: كيف تعلّمت مداعبة الكرة؟ بدأت اللعب ككل الجزائريين مع أترابي في الشارع والميادين الفارغة، وكنا نلتقي بفرق الأحياء والقرى المجاورة لعاصمة المكرة. وكما تعلم فإن أفضل مدرسة لكرة القدم آنذاك كانت الشارع فقط، الذي تخرج منه ألمع نجوم إتحاد بلعباس، ولا يمكنني ذكر أسمائهم لأن القائمة طويلة فمنهم من غادرنا الى الأبد ومنهم من هو يرزق أطال اللّه أعمارهم. ومتى إنخرطت في إتحاد بلعباس؟ كان ذلك في 1963، وإنتهى مشواري معه في 1978 إثر إصابة بليغة (Pubalgie) وتدرجت مع هذا الفريق عبر كل الفئات ولم ألعب لأي ناد آخر وبالموازاة مع ذلك كنت مديرا فنيا في الرابطة الولائية لكرة القدم لتكوين المدربين والفنيين والمشرفين وتنظيم دورات لإكتشاف المواهب. عرفت رجالا، أذكر خصالهم؟ تربيتي سمحت لي بالإنخراط مع زملائي بسهولة، لعبت في وسط الميدان، والفضل يعود بالأساس الى السيد رويعي عمار (الذي أحيّيه) الذي نقل مجموعة من اللاعبين من فئة الأواسط الى الأكابر مباشرة، أخضعنا جميعا لتكوين مكثف وشكل فريقا متكاملا بأسماء لامعة مثل عبدي فضيل، صالحي، محداد، كفيف، زبير غانم، عمر، وآخرون، هذا هو الجيل الذي تربيت معه واحتفظ بذكريات جميلة لأنه كان في مستوى عال من الأخلاق والإنضباط يطبق كرة حديثة حتى لقبنا ب "فريق أجاكس"، وأتذكر أننا تعادلنا مع ليون الفرنسي في ملعب الأخوة عميروش ب 1 1 وكان يلعب له المدرب الفرنسي دوميناك ولاكرمب وشيزا... علاقتك بالمدرب؟ الفضل كل الفضل في تكويني الرياضي يعود للمدرب السيد رويعي الذي كان أبا لي وطاعته كانت من الواجبات، فهو رمز من رموز الكرة الجزائرية، أكنّ له كل الاحترام والتقدير، وأزوره حاليا كلما سمحت الفرصة، لقد تعلمت معه كل شيء وليس كرة القدم. وخارج إتحاد بلعباس؟ اكتسبت تجربة جيدة خلال إلتحاقي بالفريق الوطني العسكري تحت إشراف المدربين سوخان ومخلوفي وكان سعدان آنذاك مسؤول فصيلة وخلقنا جوا رائعا رفقة سرباح ودحلب، والمرحوم مدني وزنير، وكدّو، ومحداد.... وأتذكر أننا ذهبنا الى بلجيكا لخوض مباراة هناك، ولما شاهدنا اللياقة البدنية للاعبين البلجيكيين إندهشنا ومنّا من سقط على البلاط في الرواق المؤدي الى الميدان، لكن كل شيء تغير أثناء اللقب، وفعل دراوي ونعيم ما أرادوا فوق المستطيل. ماهي في نظرك المقاييس المطلوبة عند دخول عالم الكرة؟ هناك شروط موضوعية وخصال حميدة يعلمها الجميع فأنا من عائلة محافظة متدينة، أبي حفظ القرآن وكان يداوي المرضى تقليديا، وهو إنسان فيه الخير، ولذا كنت ملزما بإتباع هذه المسيرة الأخلاقية التي ورثتها من الوالد، وهي التي مكنتني من آداء مشواري دون الحصول على أية بطاقة مهما كان لونها، وهي التي حافظت على علاقاتي الطيبة مع كل زملائي والمسؤولين فالرياضة أخلاق وتعارف ومن واجبي أن أذكر هنا ما قام به الرئيس المرحوم الدكتور حساني لهذا الفريق الذي كان فعلا شخصية رياضية وإجتماعية من الطراز النادر. وحاليا كيف تقيمون الوضع؟ للأسف كل ما بناه الدكتور حساني لم يتواصل فلما صعد فريقنا الى القسم الثاني لم تكن هناك إستمرارية للعمل، وهو ما فتح الباب على مصراعيه لتدخل كل من هبّ ودبّ، وآل التسيير الى من لا يفقه شيئا في الرياضة، فتلاشت الأهداف، واضمحلت الآمال فذهبت الكفاءات وبقيت العلاقات! وأضحت بلعباس ضحية لمحيطها منذ 17 سنة، ولو تم تكوين آنذاك المواليد الجدد لكان لدينا اليوم لاعبون مهرة؟. ماذا عن التدريب؟ إقتحمت ميدان التدريب في 79/78 مع شباب سفيزف وتوّج ذلك بصعودنا الى القسم الثاني في 84/83 كما دربت في المغرب مولودية وجدة وفريق بركان والحسيمة، ثم عدت الى أرض الوطن. وكان لي شرف العمل مع فريقي إتحاد بلعباس في 81/80 بالقسم الأول، ثم إتحاد مغنية في 2004 حيث وصلنا الى ربع النهائي في كأس الجمهورية، كما دربت أيضا ترجي مستغانم، في القسم الثاني. آخر كلمة؟ أنا كتقني سامي وحائز على شهادة الكاف والفيفا في 1988 متأكد من أن بلادنا لها إمكانيات قادرة على رفع الرياضة الى المستوى العالمي، لكن هذا يتوقف على الرجال الساهرين على هذا الميدان، وتحياتي الى طاقم الجمهورية.