إجتاحت مختلف ولايات الوطن خلال هذه الأيام، موجة حرّ شديدة قدّرتها مصالح الأحوال الجوية بالأعلى منذ دخول فصل الصيف، وقد تعدّى مؤشر الحرارة الدرجة 45 بعدد من الجهات. وتكون الرطوبة العالية سببا في حالة »اللاّنفس« التي أدّت إليها درجة الحرارة المرتفعة حيث فاقت النسبة ال 70 بالمائة بأغلب هذه المناطق والولايات. وقد عرفت حالة الطقس لنهار أمس ارتفاعا محسوسا للحرارة وشمس حارقة كانت غائبة في الأيام الماضية التي إتّسمت بالحرّ منذ الأربعاء المنصرم. وعموما فقد بلغت درجة الحرارة بوهران والولايات الساحلية ما بين 28 و33 وما بين 37 و41 ناحية الولايات والمدن الداخلية، فيما سجلت أرقاما قياسية بولايات الجنوب والصحراء حيث تراوحت ما بين 41 و47 درجة مئوية وقدرت بمنطقتي الهڤار والطاسيلي في أقصى الجنوب ما بين 33 و36 درجة. وحسب الديوان الوطني للأرصاد الجوية ستتواصل موجة الحرّ الملموسة إلى غاية 26 جويلية ويقول الخبراء والدارون أن أيام الحرّ هذه هي أشبه بما يعرف ب »الصمايم« في لغتنا الدارجة وهي ما يسيطر على الطقس غالبا في أواخر شهر جويلية وبداية شهر أوت وتقدر بأربعين (40) يوما. وبوهران، فقد أدّت الحرارة المرتفعة التي ميّزت فصل الصيف لهذه السنة إلى جفاف ضاية مرسلي وهجرة الطيور المعروفة بتكاثرها وإنتشارها بالمنطقة وهو الفضول الذي دفعنا إلى استقراء حالتها كمنطقة محمية بحاجة إلى إهتمام أكبر للإرتقاء بها إلى مصاف الضايات الشهيرة بمختلف الدول العربية ودول العالم. الضاية : الضّحية الأولى يذكر أن معظم المواطنين أعتادوا على رؤية العديد من أنواع الطيور بضاية مرسلي وهم يسلكون الطريق المحيطي الرابع الذي يربط منطقة كناستيل بمسرغين، ومن أصناف الطيور هذه نذكر على سبيل المثال النّحام الوردي، الملك الحزين، البط.. إلى غير ذلك. لكن الأمر الملاحظ أن في الأيام الأخيرة إختفت هذه الطيور التي سبق لها وأن أعطت جمالا ورونقا لهذا الفضاء الرطب، وميّزته عن باقي المناطق الرطبة الأخرى الموزعة على تراب الولاية، هذا ناهيك عن الجفاف المحسوس للضاية الذي أتى على هذه المساحة ما أنجرّ عنه انتشار فادح للروائح الكريهة لا سيما خلال الفترة الليلية، الأمر الذي تسبب في إحداث قلق وسط السكان القاطنين بالمناطق المجاورة كحي الضاية، والسانيا ، فضلا عن منطقة الكرمة لا سيما وأننا في فصل الصيف أين يلجأ مختلف المواطنين إلى فتح نوافذهم من أجل إستنشاق بعض الهواء والنسيم البارد. زيادة على تجمعه بالقرب من مجمعاتهم السكنية ولكن ومع انتشار هذه الروائح وذلك ابتداء من الساعة التاسعة ليلا، يدخلون لمنازلهم ويستعينون بالمبيدات المعطرة بغية التأقلم مع الوضع والتخفيف من حدّة الرائحة. وبغية الإستفسار عن مدى تأثير جفاف هذه الضاية على البيئة إتصلنا بمديرية البيئة، والتي بدورها أكدت لنا بأن جفاف ضاية مرسلي أمر عاد جدا يتكرر خلال كل صائفة نتيجة لإرتفاع درجة الحرارة فإن مياه هذه السبخة تتبخر في الهواء ما يفرز عنها انتشار الروائح الكريهة، هذه الأخيرة الناتجة بدورها عن النفايات والأوساخ التي يتم رميها بهذه المنطقة الرطبة. وعن إختفاء الطيور الناذرة التي كانت تزين هذه الضاية أبرزت مصادرنا أنها هي الأخرى مرحلة عادية كون هذه الطيور تتوافد وتكثر بهذه السبخة خلال فصل الشتاء، وأيام تساقط الأمطار لأنها مرحلة تكاثرها وسوف تمتلئ هذه المنطقة الرطبة خلال فصل الشتاء لتعود إليها الطيّور المهاجرة مرّة أخرى. وفي سياق آخر أفادت مصادرنا بأن ضاية مرسلي لا تزال تعاني من ظاهرة تسرب القاذورات إليها، الأمر الذي جعلها مرتعا لإنتشار الروائح الكريهة وقد أضافت مصادرنا بأن نفايات المنطقة في الضاية لا تزال ترمى بهذا المكان الرطب وتحديدا من قبل سكان الأحياء القصديرية المجاورة ، علما أن النفايات الصادرة عن المنطقة الصناعية السانيا تم منعها نهائيا، وهذا في اطار المحافظة على ضاية مرسلي. وفي ذات الإطار تجدر الإشارة إلى أن هذه السبخة ستخضع قريبا لأشغال تهيئة بغية تحويلها إلى حظيرة سياحية ذات منفعة عامة والتي ستساهم في تنظيمها جلّ المديريات كمديرية الصيد البحري، وهذا بواسطة مشروع لتربية المائيات، مديرية الشبيبة والرياضة ومديرية النقل، مديرية السياحة ومديرية الغابات ومؤسسة تطهير وتوزيع المياه »سيور«. هذه الأخيرة التي تضع على عاتقها عملية تنظيم وتسيير المياه القذرة علما أنه وخلال 11 فيفري من السنة الفارطة 2009، تم تنصيب لجنة خاصة لمراقبة ومتابعة كلّ ما يتعلق بتهيئة ضاية مرسلي، وما يجدر التنبيه به أن الوزارة المعنية هي التي تسيّر المشروع. وللإشارة فإنه وخلال شهر سبتمبر المقبل سيتم عرض الدراسة من قبل مكتب الدراسات الكندي، ليتم الإعلان عن مناقصة وطنية ودولية بغية إختيار مكتب دراسات آخر لدراسة الإنطلاق في الأشغال، علما أن ضاية مرسلي تم اختيارها لتهيئتها من طرف الوزارة وذلك كونها تقع في وسط حضري، وتسهل زيارتها لا سيما مع إنشاء الطريق المحيطي الرابع. وللعلم أن ضاية مرسلي تابعة اقليميا لدائرة وبلدية السانيا منحدرة من البركة الواقعة بجبل تسالة، تقدر مساحتها الإجمالية ب 150 هكتارا، وهي مسجلة في قائمة رامسار وسيتم تصنيفها قريبا وذلك من خلال مقارنتها مع بقية الضايات المتواجدة في العالم، من حيث عدد ونوع الطيور التي تحتضنها فضلا عن عمقها. وما يجدر الإشارة إليه أنها منطقة محمية، تضم العديد من الطيور التي قد لا نجدها في أماكن أخرى ، مثل البط إذ يوجد بضاية مرسلي حوالي 630 بطة، فضلا عن 900 نحام وردي وملك حزين واحد فقط، وهذا حسب الإحصائيات التي أمدتنا بها مديرية البيئة. كما أشارت مصادرنا بأن ضاية مرسلي غير نظيفة بنسبة مائة بالمائة نتيجة النفايات وتقدر المساحة الإجمالية التي سيتم تهيئتها حسب مديرية التعمير والبناء كشطر أول ب 50 هكتارا. وبخصوص جفاف ضاية مرسلي وهجرة الطيور منها، فإن الأمر لا يقتصر عليها فقط وإنما حتى على السبخة الكبيرة التي تشهد نفس الظاهرة وحسب مصادر عليمة من مديرية البيئة فإن مصالحها تعمل جاهدة لمنع وصول المياه القذرة إليها وتحويل هذه الأخيرة إلى محطة الكرمة. وللعلم أن ضاية مرسلي منخفضة عن مستوى البحر بحوالي 80 مترا.