تسبّبت موجة البرد المصحوبة بتساقط كميات معتبرة من الثلوج المتهاطلة لليوم الثاني على التوالي بأغلب مناطق ولاية تلمسان، في عزل العشرات من القرى والمداشر وغلق عدد من الطرق الوطنية والولائية، لاسيما بالمرتفعات التي يزيد علوها عن 700 متر، اضطرت السائقين إلى التوقف عن السير أو استغلال المسالك الفرعية. فيما لم تسجل أية خسائر بشرية أو حوادث خطيرة، وعرفت التجمعات السكانية المعزولة غير المزوّدة بغاز المدينة حالة طوارئ فعلية نتيجة انخفاض درجات الحرارة حوّلت المنازل المحاصرة بأكوام الثلوج إلى ما يشبه غرف التبريد، على غرار تافسرة، بني سنوس. من جهة أخرى نجت ليلة أوّل أمس، العديد من العائلات متكونة من أطفال صغار من موت محقق عقب انهيار سقف منازلهم المبنية بالطوب بقرية البطيم الحدودية التابعة لبلدية مغنية والبعيدة عنها بنحو 12 كلم، نتيجة الأمطار التي اجتاحت منطقة مغنية خلال اليومين الماضيين، وتطلّب الوضع تدخلا عاجلا من قبل سكان القرية والمجتمع المدني، إلى جانب بعض الجمعيات الناشطة الممثّلة في جمعية شعبان حمدون بقرية البطيم وجمعية الحرية للمحافظة على البيئة والسياحة والذين هم أعضاء في جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان التي قامت بإجلاء العائلات المتضرّرة، حيث المنازل المنهارة كادت أن تودّي بحياة العديد من العائلات بها وخطر الموت يلاحقهم، ليصطدموا في ساعات متأخرة من ليلة أوّل أمس بإنهيار أجزاء من سقف المنزل الذي ذهل منه أفراد العائلة، ليتدخل الجيران وقدموا يد العون من خلال محاولتهم إخراجهم من داخل المنزل في غياب مصالح الحماية المدنية والسلطات المحلية البلدية. هذا وقد طالب أفراد العائلة والي الولاية التدخل العاجل والتكفل بهم لكونهم من ذوي الدخل المحدود وإدراجهم ضمن قوائم المستفيدين من إعادة الاعتبار للسكنات الهشة، حيث لا تزال عائلات هذه السكنات في ظروف اجتماعية مزرية منذ أكثر من 50 سنة ويعانون تدهور سكناتهم الطوبية جرّاء العوامل الطبيعية، إذ يعيش هؤلاء السكان في أكواخ وبيوت هشّة تربية تنعدم بها أدنى متطلبات الحياة الكريمة، خاصة في ظل الشتاء حينما تتحوّل هذه البيوت إلى برك جرّاء التساقطات المطرية التي تغمرها وتتسبب في كثير من الأحيان في إحداث خسائر مادية معتبرة. * عائلات تبيت ليلها في الشارع وحسب تصريحات سكان هذه القرية الحدودية وهي أكبر قرية من حيث التعداد السكاني ببلدية مغنية فقد لحق الضرر عدّة عائلات إثر الإنهيار الجزئي الذي أصاب مساكنهم الطوبية ولحسن الحظ لم تسجل وفيات وهو ما يضاعف من معاناة سكان هذه البيوت ولانعكاساتها الصحية نتيجة العوامل المناخية كالبرد القارس والأمطار الغزيرة شتاء والحر الشديد صيفا، ذلك في ظل انعدام أدنى الشروط الصحية داخل هذه البيوت وكذا تدهور المستوى المعيشي لأغلب هؤلاء السكان، معربين بذلك عن استيائهم جراء الحياة المزرية التي غرقوا فيها في ظل حرمانهم من أبسط ضروريات العيش الكريم، حيث أكّد رئيس جمعية شعبان حمدون بقرية البطيم الحدودية أنّ هناك بعض العائلات تعيش تحت وطأة التهميش والحرمان التي فرضتها عليهم وعود مسؤولين لم تترجم إلى فعل على أرض الواقع، حيث لا تزال بعض العائلات الفقيرة تعاني من جراء البنايات الهشة التي تقيم فيها، والتي من المحتمل أن تسقط في أية لحظة كونها بنايات قديمة شيّدت بالطوب. واغتنم ذات المتحدّث فرصة تواجد "الجمهورية" خلال معاينتها لهذه السكنات الهشة المتساقطة والتي سببت مبيت العديد من العائلات في العراء مطالبة المجلس البلدي الجديد بمشاريع تنموية ترفع عنهم التهميش وتفك عنهم العزلة، جراء نقص الإمكانات المالية المخصّصة لها، خاصة ما يتعلق بالمشاريع الريفية، وفقا للطابع الجغرافي الذي تمتاز به قرى هذه البلدية. * لا علاج بعد الساعة الرابعة مساء ويتصدّر اهتمامات السكان توفير أدنى الخدمات الخاصة بتحسين ظروف إقامتهم بالمناطق البعيدة، فسكّانها يصرّون على أنهم بأمسّ الحاجة إلى اهتمام المسؤولين لإخراج منطقتهم من العزلة والتهميش، ويلحون على دعمهم بمشاريع تعطي الفرصة للتخفيف من شبح البطالة، الذي يؤرّق شباب المنطقة ويلحون على تخصيص مشاريع في إطار تنمية المناطق الريفية، كإعانات البناء الريفي والاستفادة من مشاريع فلاحية لتشغيل الشباب في هذا القطاع، والاهتمام بعنصر الشباب عن طريق تجسيد مرافق شبانية تفتقر إليها غالبية القرية، فإن الشغل الشاغل لسكانها هو تسوية مشكلتهم مع مصالح أملاك الدولة، التي تتماطل في منحهم عقود الملكية، وهو ما أثار استياء عائلات البلدية التي يقطنها مئات السكان. وبشكل عام، فإن النقائص التي يطالب بتوفيرها مواطنو قرية البطيم في القريب العاجل تجهيز قاعة العلاج بالتجهيزات الطبية اللازمة، وضمان مداومة علاجية، لأنهم ببساطة، حاليا ممنوعون من المرض ابتداء من الرابعة مساء، بسبب غياب الفريق الطبّي عن قاعة العلاج، كونهم يقطنون بعيدا، ما يجبرهم على مغادرة القرية. وفي قطاع الأشغال العمومية لازال سكان قرية البطيم والمداشر التابعة لها على غرار دوار التلالسة، وأولاد معيذر يحلمون بالتهيئة الكاملة للطرقات، لإنهاء معاناتهم اليومية، وكذلك الشأن بالنسبة لميادين أخرى ذات العلاقة المباشرة بحياة المواطنين، الذين يطمحون إلى مشاريع ترفع عنهم سنوات العجاف التي طالت منطقتهم.