عندما نتطرق للحديث عن واقع الفلاحة بولاية مستغانم تعود بنا الذاكرة إلى تلك السنوات الماضية وخاصة بعد استرجاع السيادة الوطنية عندما كان اقتصاد الولاية يعتمد أساسا على إنتاج العنب عندما كان اقتصاد الولاية يعتمد أساسا على إنتاج العنب بمختلف أنواعه ومنه العنب الذي كان يحول إلى خمور يتهم تصديرها إلى مختلف البلدان الأوروبية ومنها فرنسا والإتحاد السوفياتي سابقا إذ كانت عشرات البواخر تنطلق من ميناء مستغانم محملة بالخمور التي ظلت آنذاك تشكل رقما مهما في الصادرات الجزائرية نحو أوروبا. وإن كانت المساحة الفلاحية تبلغ 177310 هكتار فمساحة الكروم منها كانت تفوق ال 110000 هكتار أي بنسبة 03، 62٪ وظل سكان الأرياف وطيلة سنوات يعتمدون كثيرا في معيشتهم على إنتاج العنب التي كانت تغطي المساحة الشاسعة عبر كل البلديات وخاصة في منطقة الظهرة شرق ولاية مستغانم وبالرغم من اندثار الكروم حاليا في كل من أراضي سيرات وبوڤيراط وماسرة فما يزال الفلاحون في سيدي علي وسيدي لخضر وحجاج والسور وعين تادلس ينتجون العنب في مساحات مغروسة بأشجار الكروم منها الجديدة ومنها القديمة التي يزيد عمرها عن 45 سنة مثلما هو موجود في منطقة سيدي لخضر وحجاج، وإن مجموع مساحة الكروم بولاية مستغانم والتي ما زالت تستغل هي 1570 هكتار منها مساحة 1100 هكتار موجودة بمنطقة الظهرة مستهلة من طرف الفلاحين الخواص في مستثمرات فلاحية فردية وجماعية والمساحة الباقية والمقدرة ب 470 هكتار هي موجودة بأراضي اسيتديا وعين نويسي وفرناكة مسيرة من طرف الديوان الوطني لتسويق منتوجات الكروم. مساهمة الديوان وعن ذلك يؤكد السيد بن ميلود مدير وحدة الديوان بمستغانم أن منطقة استيديا التي تم بها تجديد الكروم بنسبة 100٪ منذ سنة 2000 خلت الإنتاج طيلة أربع سنوات ويبقى اهتمام الديوان قائما لتوسيع مساحة الكروم عبر العديد من المناطق في الأراضي الفلاحية المؤهلة لإنتاج العنب سواء الموجه للتحويل أو عنب المائدة وهذا في إطار مخطط تجديد وغرس الكروم وكان الديوان قد شجع الفلاحين الراغبين في غرس الكروم وهذا فضلا عن التحفيزات الخاصة بإنتاج واستقبال منتوج العنب وتتمثل التحفيزات في تدعيم المنتجين مع بداية كل موسم فلاحي ب 10 آلاف دج للهكتار الواحد وقد أدت سياسة الدعم من طرف الديوان إلى تزايد الفلاحين الراغبين في غرس الكروم وخاصة بعد أن تأكد تكفل الديوان بضمان استقبال منتوج العنب من طرف الفلاحين الذين تربطهم إتفاقية تعاون معه ومن مزايا الإتفاقية أن كل ما ينتج من طرف الفلاحين لا يضيع وهذا لم يكن موجودا من قبل. وعن ذلك يقول الفلاح زروقي مصطفى من خضراء »نحن الفلاحون المنتجون للعنب عشنا عدة مرات في مشاكل تسويق منتوجنا من جرّاء تقليص عدد المعاصر وعدم مراعاة مصاريف العمل، وكثيرا ما تعرض العنب الموجه للتحويل إلى الضياع عندما لم نجد من يشتريه منّا في السنوات القليلة الماضية ولكن اليوم تغيّرت الأحوال وبدأت العناية تتجلى من طرف الدولة بتشجيع منتجي العنب، كما أن معاملة الديوان الوطني لتسويق الخمور للمنتجين هي معاملة إيجابية ومحفزة ومنها الدعم المالي وضمان تسويق المنتوج.« أما الفلاح عماري الشارف من السور فيقول: »إن الدعم يبقى مطلوبا وحتى تسهيل القرض الفلاحي يبحتاجه منتجو العنب أكثر من غيرهم لأن غرس كروم العنب يستهلك مصاريف كبير قصد العناية وصيانة الشجيرات طيلة المدة التي تسبق مرحلة الإنتاج«. ومن جهته يرى الأمين العام لإتحاد الفلاحين بولاية مستغانم أن الفلاحين لهم رغبة في العودة إلى غرس الكروم لأن هناك أراضي لا تصلح لزراعة الحبوب أو الخضر والفواكه غير أنها قابلة لغرس كروم العنب وأشجار مثمرة أخرى. وبالنسبة لمستقبل الكروم فيكون مرهونا بمدى ضمان توفير منشآت استقبال العنب من طرفغ المنتجين ولا سيما تهيئة المعاصر والأقبية الحالية وبناء معاصر وهياكل أخرى للتحويل والتخزين قبل الإستهلاك أو التصدير للخارج. حرفة صعبة هذا وكانت لنا فرصة التحدث مع بعض الشباب في كل من حجاج وسيدي لخضر في موضوع غرس الكروم فسألناهم إن كانوا يرغبون في الإستثمار في إنتاج العنب وكانت إجابة الأغلبية مركزة حول صعوبة هذا النوع من العمل الفلاحي الذي يختلف عن زراعة الحبوب والخضر، وهناك شاب آخر يقترح أن يتم إحداث فرع بمراكز التكوين المهني خاص بالتكوين على كيفية غرس الكروم وكيفية تقليمها سنويا لأن شجيرات الكروم لها طرق خاصة في تقليم أغصانها ولا يكون ذلك إلا باليد العاملة. وإن هذا الشاب المنتمي لعائلة فلاحية قد تطرق إلى رأس المشكل لأن الكروم تتطلب صيانة خاصة وضرورة توفير اليد المؤهلة للتقليم بالمقص اليدوي لأن الفلاحين الذين كانوا مختصين وعلى دراية بطرقف تقليم الكروم قد شاخوا وصاروا عاجزين عن العمل بل الكثير من اليد العاملة المؤهلة قد انقرضت مع مرور السنين في الفترة التي تم فيها التخلي عن سياسة غرس الكروم، فلا يمكن التفكير في تطوير غرس الكروم إذا لم تكن كل العوامل البشرية والهياكل متوفرة والمعاصر مجهزة بالمعدات اللازمة . وفي الوقت الحالي يوجد بولاية مستغانم 250 فلاحا منتجا للعنب يعملون في حقول الكروم التي تتربع على مساحة 1100 هكتار المسيرة من طرف ديوان تسويق منتوجات الكروم، أما عدد المعاصير الصالحة للإستعمال فعددها سبعة (07) منها ثلاثة معاصير تابعة للديوان في كل من حجاج وسيدي لخضر وفرناكة وأربعة تابعة للخواص.