نظمت جمعية مولود قاسم لاحياء التراث الثقافي والتاريخي والعلمي للجزائر يوما دراسيا حول شخصية المرحوم أبو القاسم سعد الله احتضنته المكتبة العمومية الشيخ القباطي حضره جمهور متعطش للعلم والمعرفة وخاصة ما يتعلق بتاريخ الجزائر. اليوم الدراسي استهله الدكتور عبد الله عثامنية صديق ورفيق المرحوم بتقديم مداخلة استحضر من خلالها العديد من الذكريات وابرز المواقف والأحداث التي أثرت في سعد الله بحلوها ومرها .ومن بين الصعاب التي تعرض لها في حياته ذكر أنه لما عاد من أمريكا الى الجزائر في1967 يحمل في يده حبه للوطن وفي الأخرى شهادة الدكتورة قام بتقديم ملفه الى الجامعة ليشتغل بها في وظيفة تناسب شهادته لكنه تفاجأ لما طلب منه أن يترجمها الى الفرنسية فرفض وراودته فكرة العودة الى جامعة أمريكا التي وفرت له الوسائل والامكانيات .ثم أنه لم يحصل على سكن في نفس الفترة وظل يسكن عند خاله بالجزائر العاصمة وهو أستاذ بالجامعة .أضف إلى ذلك أنه حصل على قطعة أرض ولم يتمكن من بناء منزله الا بعد مرور أكثرمن 20 سنة . منتهيا بالقول أن أبو القاسم الموسوعة عرضت عليه مناصب عليا فاعتذرلأنه ببساطة تفرغ لخدمة الثقافة ولم يكن همه البحث عن أغراض دنيوية. شهادات.. ومشاهد أما الدكتور محمد الأمين بلغيث وهو تلميذ قديم للراحل فتحدث في مداخلته عن بحث طويل أسماه"تجربتي في تلقي التاريخ"وهويتناول فيه تجربة جيله الذي ينتمي اليه والتي تقوم على الثوابت التي رسختها جمعية العلماء المسلمينفي في أمثاله. بينما الدكتورحبيب مونسي وصف هذا الرجل المتميز بالماسة المتعددة الوجوه.فاذا نظرنا اليه وجدنا فيه المؤرخ والمحقق والمترجم والأديب الناقد والشاعر الفصيح .هذه الوجوه المتعددة هي التي أعطت لشخصية أبو الالقاسم سغد الله الموسوعي الذي يستطيع أن يتجول بين هذا العالم جولات متعددة .ومما ساعده على ذلك اكتسابه لعدة لغات كالأنجليزية والفرنسية والألمانية والتركية والفارسية الشيء الذي أهله لأن يعطي للترجمة نكهتها الخاصة .فحينما نقرأ كتبه نحس أن الرجل ينقلنا من مجال الى مجال نقلا ميسرا سلسا فلا نجد تلك الكزازة التي تطبع الكتب المترجمة.ونحن نقرأله فنلمس شيئا مهما وكأن سعد الله يعيد الابداع مرة ثانية'وكتابه عن الأميرعبد القادر الذي ترجمه عن تشيرشل خير مثال وخير دليل على ذلك.ويضيف الدكتور مونسي ما يهمني في شخصيته الجانب الناقد فقد عثرت على نصوص تعود تقريبا الى خمسينات القرن الماضي وهي نصوص لو أتيح لها أن تدرس في الجامعة كان ممكنا أن تكون بداية لنقد متين يؤسس عليه ولماذا مدرسة جزائرية قائمة بذاتها لكن تحول الرجل الى الجانب التاريخي واهتمامه بالقضايا الوطنية فوت علينا فرصة استثمار هذه النصوص.نتمنى أن يربط هذا الجيل الصلة بالرجل وينطلق. المنهج.. وكتابة تاريخ الحركة الوطنية فيما عالج الدكتور الزين محمد موضوع منهج أبو القاسم في كتابة تاريخ الحركة الوطنية وذكر في هذا الخصوص أن سعد الله يتأسف لكون أن تاريخ الجزائرفي القرن التاسع عشرلم يأخذحقه من الدراسة ويرى أن تاريخ الحركة الوطنية يبدأ قبل حلول القرن العشرين وأن المقاومة الشعبية ظلت مترابطة ومتواصلة . هذا وتواصل تقديم المداخلات بعد الظهيرة حيث تطرق الأستاذ محمد الهادي الحسني في محاضرته الى سعد الله وتاريخ الحركة الوطنية وكشف الدكتور بورديم عبد الحفيظ في مداخلته عن جهود مؤرخنا في الرد على المستشرقين أما الدكتور ابراهيم لونيسي فتحدث عن معاناة شيخ المؤرخين في انجاز موسوعته"تاريخ الجزائر الثقافي". الأستاذ هشام بشير بويجرةرئيس جمعية مولودقاسم صرح للجمهورية بأن هذا اليوم الدراسي هو وقفة تكريمية مع المرحوم الدكتور أبو القاسم سعد الله الذي خد م العلم والمعرفة وأفنى حياته من أجل وطنه ومع ذلك ظل مهمشا ولم يعبأبه في بلده.وقد قمنا بتسليط الضوء على تراثه الثقافي والفكري وسنواصل في مناسبات قادمة اماطة اللثام عن علماء ومفكرين وأدباء عرفوا نفس المصير.