ووري أمس جثمان المجاهد لخضر بن طوبال، الثرى بمربع الشهداء بمقبرة العاليةبالجزائر العاصمة، بعد أن وافاه الأجل قبل يومين بالمستشفى العسكري لعين النعجة عن عمر يناهز ال87 سنة. ونقل جثمان الفقيد صباح أمس، إلى مقر المنظمة الوطنية للمجاهدين حيث ألقيت عليه النظرة الأخيرة من طرف أصدقاء الكفاح، حيث تحول مقر المنظمة إلى قبلة لشخصيات سياسية وتاريخية للترحم على أحد صناع ملحمة أول نوفمبر. وبعد صلاة الظهر نقل جثمان الراحل إلى مقبرة العالية حيث كان في انتظاره مئات المواطنين، وعرفت مراسم الجنازة حضور كبار المسؤولين في الدولة يتقدمهم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري والوزير الأول أحمد أويحيى ووزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم، وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح إضافة إلى أعضاء من الطاقم الحكومي وشخصيات سياسية وتاريخية على غرار رئيس الجمهورية الأسبق الشاذلي بن جديد، وعلي كافي، إضافة إلى رؤساء حكومات سابقون من بينهم مولود حمروش وعلي بن فليس وبلعيد عبد السلام. وفي الكلمة التأبينية التي ألقاها بالمناسبة أكد وزير المجاهدين محمد الشريف عباس على أن الجزائر فقدت أحد أبرز الشخصيات التي فجرت ملحمة الفاتح نوفمبر 1954، مضيفا أن الراحل كان مثالا في حب الوطن حيث لم يتأثر لا بالنوازع ولا بتغير الأحوال، وعبر الوزير عن أمله في أن يتم نشر مذكرات البطل لخضر بن طوبال " نأمل أن ترى مذكراته النور ويطلع عليها الأجيال كما كان يرغب". وفي شهادته على مسيرة الفقيد قال وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية أن لخضر بن طوبال كان يملك شخصية قوية ومنضبطة مشيرا إلى أن الفقيد التحق بالحركة الوطنية منذ أربعينات القرن الماضي حيث عمل فيما بعد إلى جانب عبد الحفيظ بوصوف. من جهته قال نجل الفقيد السيد خالد بن طوبال أن والده كان يتألم كثيرا للواقع الذي تعيشه الجزائر " لكنه كان عاجزا عن إحداث التغيير"، لكنه كان إنسانا مخلصا ولم يكن يدافع عن جهة معينة بل كان يدافع عن الجزائر وكان لديه أمل كبير في تحسن الأوضاع وكشف نجل الفقيد بأن مذكرات سي لخضر ستنشر قريبا. ويعد بن طوبال احد أهم الشخصيات التي صنعت تاريخ الجزائر الحديث بمواقفه الوطنية وانخراطه في سن مبكرة في صفوف الحركة الوطنية، الشيء الذي أهله لأن يكون احد قادة الثورة وروادها. ويعتبر الراحل لخضر بن طوبال المولود سنة 1923 بميلة من الرعيل الأول للثورة التحريرية ،حيث باشر نشاطه النضالي ضمن الحركة الوطنية ابتداء من سنة 1940. ولم يتخلف عن الالتحاق بصفوف حزب الشعب الجزائري وأصبح مسؤولا عن هذا الأخير بمسقط رأسه، وعين عضوا بالمنظمة الخاصة خلال الفترة الممتدة من 1947 الى 1948 التي كان يترأسها الشهيد محمد بلوزداد. ودفع النشاط النضالي ل"سي عبد الله" في الشمال القسنطيني بالسلطات الاستعمارية إلى تصنيفه ضمن العناصر التي تشكل تهديدا لها، ونشرت أمرا بالقبض عليه ،ثم أصدرت حكما غيابيا في حقه سنة 1951 خلال محاكمة أعضاء المنظمة الخاصة. وشارك في اجتماع مجموعة 22 المنعقد في 23 جوان 1954 بالجزائر العاصمة والذي ترأسه الشهيد مصطفى بن بولعيد وتمخض عنه تحديد تاريخ اندلاع الثورة. وعيّن الراحل بن طوبال عضوا بالمجلس الوطني للثورة مباشرة بعد اختتام أشغال مؤتمر الصومام في أوت 1956 وذلك قبل ان يعين أيضا في لجنة التنسيق والتنفيذ. وفي سنة 1956 أصبح مسؤولا عن الولاية الثانية خلفا لزيغود يوسف الذي سقط في ميدان الشرف ليلة 23 سبتمبر من نفس السنة، ليتقلد بعدها رتبة عقيد. وفي أفريل سنة 1957 انتقل بن طوبال إلى العاصمة التونسية رفقة كريم بلقاسم وبن يوسف بن خدة ،حيث التحق في أوت من نفس السنة بلجنة التنسيق والتنفيذ الثانية. وفي أفريل 1958 أصبح بن طوبال مكلفا بدائرة الداخلية وعضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ الثالثة بالقاهرة، ليعين بعدها وزيرا للداخلية في الحكومة المؤقتة الأولى للجمهورية الجزائرية يوم 19 سبتمبر 1958 بالقاهرة قبل أن يتم إعادة تعيينه في 18 جانفي 1960 بطرابلس الليبية. وقد شارك لخضر بن طوبال بصفته عضوا في بعثة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في مفاوضات "روس" قرب الحدود السويسرية من 11 إلى 19 فيفري 1962 وفي مفاوضات إيفيان في مارس 1962. وبعد الاستقلال تقلد السيد بن طوبال منصب الرئيس-المدير العام للشركة الوطنية لصناعة الحديد والصلب ورئيس مجلس إدارة الإتحاد العربي للحديد والفولاذ، الذي مقره الجزائر وذلك ابتداء من 15 جانفي 1972