تعتبر الدول الغربية المستهلك الرئيسي لنفط منظمة أوبك إلا أنها تعتمد معايير مزدوجة، فكلما ارتفعت أسعار السلع حتى لو كان ارتفاعا طفيفا نلاحظ حملات وضجة إعلامية من قبل أجهزة الإعلام الغربية وضغوطا سياسية كبيرة. والشواهد على ذلك عديدة، فقد قام وزير الطاقة الأميركي بزيارات لكثير من الدول الأعضاء في منظمة أوبك لحثهم على زيادة حجم الإنتاج من أجل تخفيض الأسعار، وفي حال عدم الاستجابة لهذه الجهود والضغوط السياسية تبدأ الدول الصناعية بالتلويح باستخدام أوراق أخرى فمرة يلوحون باستخدام المخزون الاحتياطي لدى الدول الصناعية ومرة يعطون الدروس في التعامل الحضاري مع شعوب العالم وما يحمله ذلك عندهم من اتهامات لشعوب العالم العربي بالجشع والتخلف.وفي هذا الإطار تجدر الاشارة إلى أن هناك اعتبارين للدول الغربية وخصوصا الولاياتالمتحدة الأميركية في الضغوط التي تمارسها: أحدهما جديد وهو المتعلق بأزمة النظام الاقتصادي العالمي بعد أحداث 11 سبتمبر. والاعتبار الثاني يتعلق بتأثير ارتفاع الأسعار على الرأي العام الأميركي وعلى المواطن الأميركي بصفة مباشرة، هذا على العكس من المواطن الأوروبي الذي يتحمل أعباء ضريبية كبيرة. ففي عام 1998 على سبيل المثال هبطت أسعار النفط حتى وصلت ما بين 9 إلى 10 دولارات، وواصل المواطن الأوروبي دفع الضرائب الباهظة والحكومات تأخذ هذا الفارق. أما الولاياتالمتحدة الأميركية فالضرائب لا تقارن بمثيلاتها في أوروبا، لذلك فالمواطن الأميركي يشعر بانخفاض الأسعار وارتفاعها. ومن البديهي أيضا أن ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى ارتفاع الكثير من السلع الاستهلاكية والإستراتيجية التي يدخل النفط ومشتقاته عنصرا في تركيبها، كما يؤدي أيضا إلى التضخم واختلال التوازن الاقتصادي الدولي وارتفاع معدلات الفائدة. أما الانخفاض في أسعار النفط فإنه يؤدي إلى تراجع العائدات السنوية للدول المنتجة التي يشكل النفط مصدرا أساسيا للدخل في معظمها، مما يؤدي إلى ارتفاع حجم العجز في الموازنات المالية لتلك الدول وبالتالي تقليص الإنفاق الحكومي الذي يؤدي بدوره إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي وبالتالي زيادة حجم البطالة. مثل هذه الآثار السلبية لانخفاض الأسعار والأزمات التي تمر بها الدول المنتجة، لا يعيرها الإعلام الغربي أي أهمية. وعموما فإن استقرار سعر النفط يعتبر عاملا مهما للنمو الاقتصادي العالمي ويكتسي أهمية أخرى بالغة تتعلق بتأثيره على حجم الطلب.