فيلم وثائقي ومحطّات شعرية وموسيقية نظمت الجمعية النسوية من أجل تطوير الفرد وممارسة المواطنة " لا في باك " أمس بالتعاون مع جمعية الأفق الجميل وفضاء التاريخ والذاكرة لمدينة وهران لقاء تكريميا للمجاهدة الراحلة " لوسات صافية لاريبار حاج علي " التي غادرتنا يوم 26 ماي 2014 عن عمر يناهز ال 93 سنة ، اللقاء التكريمي الذي احتضنه مقر الجمعية تحت شعار " حتى لا ننسى نضالات ومساهمات لوسات " حضرته نخبة هامّة من الأسماء الثورية والأدبية وعدد من أصدقاء الراحلة الذين عدّدوا مناقب الفقيدة وتطرّقوا إلى سيرتها النضالية وصدق وطنيتها وكفاحها وشجاعتها ،نذكر من بينهم " كاتب سعيد "، " شرفاوي محمد" ، " قويدر رمطاي" ،" مليكة رمعون" ، " جميلة حميتو" ، " يمينة صابري" ، " فاطمة نهيلي " وغيرهن من النساء اللائي رافقنها في مسيرة الدفاع عن حقوق المرأة وخُضن معها معارك تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية بالجزائر . و أهم ما ميّز هذا اللقاء أنه لم يكن مقتصرا على بطولات تلك السّيدة المجاهدة التي شقّت طريقها بشجاعة وإرادة كبيرتين ، غير آبهة بتهديدات المعمّر الفرنسي الغاشم و مخطّطاته المُشينة الباعثة على الغثيان ، بل تعدّى موضوع الندوة إلى إماطة اللثام عن إنسانيّتها وطيبتها كإمراة فرنسية وُلدت عام 1920 بوهران ، وهي المدينة التي عاشت فيها طفولتها وجزء من شبابها وعقدت العزم أن تُدافع عنها وتناضل من أجلها، حيث أن الشّهادات الحيّة التي قدّمها أصدقاؤها وصديقاتها أمس أسالت الكثير من الدموع في القاعة و نبشت ذاكرة الكثير من معارفها ومحبّيها ، الذين لمسوا فيها الطيبة والكرم والعفوية الزائدة ، ف" لوسات " التي تزوجت بالشاعر المناضل " بشير حاج علي " المتوفى سنة 1991 كانت امرأة قويّة الشّخصية مرهفة الإحساس تعطف على الغريب قبل القريب ، هي لم تتوان قطّ عن المشاركة في الهموم العامّة والحياة الاجتماعية البسيطة للجزائريين سواء قبل الاستقلال أو بعده ، بل بالعكس كانت سبّاقة لمقاسمتهم انشغالاتهم وقضاياهم ما جعلها تحوز ُعلى ثقة وتقدير الكثير من معارفها حسب ما أكده المتدخلون ، الذين أبرزوا في ذات الصدد بداية نضالاتها عندما عادت إلى الجزائر سنة 1942 واكتشفت وحشيّة العدو الفرنسي واضطهاده للجزائريين دون رحمة أو شفقة ، فقرّرت حينها الدفاع عن القضية الجزائرية رغم أنها كانت مجرّد طالبة في جامعة الجزائر ، وعام 1943 عملت " لوسات " كصحفية في جريدة " ليبارتي " ، ثم التحقت سنة 1945 باتحاد النساء الجزائري وأصبحت مسؤولة عن جريدة شهرية بعنوان " فام دالجيري "، إذ شاركت في مجموعة من المظاهرات الكبيرة بوهران رفقة عدد من المجاهدات على غرار " غابي غيمناز" ، " باية بوهون" ، " ليزات فانست" ، " رونيه جوستردو" ، "عباسية فوضيل" ، " ليز أوكولي، ". وفي سنة 1952 التحقت" لوسات" بجريدة " ألجي ريبوبيلكان " التي كان يديرها " هنري آلاغ " ، وكانت من أولى السيدات اللائي انخرطن في صفوف جبهة التحرير الوطني سنة 1955، والأهم من ذلك أن مسيرة الفقيدة لم تنته بانتهاء الثورة التحريرية ، بل استمرت بعد ذلك بكثير من خلال كفاحها ومساعيها من أجل تعزيز التنمية والديمقراطية وكذا العدالة الاجتماعية. وفي آخر اللقاء التكريمي تم عرض فيلم وثائقي حول الراحلة للمخرج " خالد غاليناري " بعنوان " لوسات لاريبار ، مسار مجاهدة جزائرية " ، كما ألقى الحكواتي " ماحي صديق " من سيدي بلعباس ثلاث قصائد لزوج الراحلة الشاعر " بشير حاج علي " ، هذا إضافة إلى محطات موسيقية وفنية أخرى تكريما للمجاهدة .