ووري ظهيرة أمس، جثمان الفنان الكبير بلقاسم بوثلجة، الثرى بمقبرة عين البيضاء (وهران)، بحضور عدد من الفنانين ورفقاء الدرب. وقد نزل خبر وفاة المرحوم بوثلجة صباح أمس بمقر سكناه بحي الزيتون، كالصاعقة على الوسط الفني بالولاية وخارجها، لما قدمه الفقيد من إبداعات وأغان شهيرة لا تزال إلى اليوم شاهدة على نجاحاته الباهرة، حيث عبر لنا العديد من الفنانين الذين التقينا بهم على هامش مراسم تشييع جنازة المرحوم، عن حزنهم وآساهم الشديدين لفقدانهم قامة فنية شامخة من طينة بلقاسم بوثلجة الذي توفي كما هو معلوم بعد معاناة طويلة مع مرض عضال بالمستشفى الجامعي لوهران، حيث لم يجد "جوزيليتو الباهية" كما يحلو للكثير تسميته بذلك الدعم المعنوي والمادي الكافيين لمتابعة علاجه من المرض الذي أقعده الفراش منذ جويلية الماضي. وبشهادة الكثير من المبدعين الذين أبوا إلا أن يتحدثوا لنا بمرارة عن معاناة هذا الفنان رحمه الله، أكدوا لنا أن الفقيد كان أحد نجوم "أغنية الراي" في الماضي القريب، وأن وفاته تعد خسارة كبيرة لفن "الراي" وتساءلوا عن سبب قيام المعنيين بأي زيارة ترفع من معنوياته وتؤكد وقوفهم إلى جانبه في محنته التي ألمّت به، وهو ما حزّ كثيرا في نفسيته وفي وجدان عائلته التي كانت مصدومة من هذا المصاب الجلل الذي ألمّ بهم، بل وتحدث شقيقه جلول بتأثر شديد، عن معاناة أخيه مع المرض والصعوبة الكبيرة التي وجدها في إعداد ملفه الطبي، لاسيما تكاليف إجراء "الأشعة" وغيرها من التحاليل الطبية الأخرى، الأمر الذي دفع ببعض الفنانين بالولاية، إلى التضامن معه ومساعدته بجمع المال المطلوب لإجراء "الأشعة" باعتبار أن المرحوم كان يعاني من آلام حادة على مستوى الرئة. فهذه الخسارة الجديدة التي شهدها اليوم الوسط الفني بالولاية، دفعت بالكثير من المطربين المعروفين بالولاية إلى التعبير عن تذمرهم من تفشي ظاهرة تهميش الفنانين والمغنيين والممثلين والمسرحيين والكتاب...، الذين قدموا الكثير من أجل السمو بقطاع الثقافة في بلادنا، وكيف أن العديد منهم بات يجد صعوبة في سد رمقه ورمق عائلته التي يأويها، بل ويعجز حتى عن دفع مصاريف إجراء العلاج والتحاليل الطبية الروتينية، مثلما حدث للمرحوم بلقاسم بوثلجة الذي ظل يقاوم المرض ويصارع التهميش بمفرده إلا أن هزمه هادم اللذات عن عمر ناهز ال64 عاما من عمره. هذه الوفاة المباغتة ل"جوزيليتو الباهية"، جعلت العديد من عشاقه يتحسرون على الأيام الزاهية التي كان فيها المرحوم يتغنى ب"ميلودة"، "قاتلك زيزيا"، "سارجان العسة"، "يا بنتي"...إلخ وكيف أن جنازته مرت أمس مرور الكرام وفي صمت مطبق، وكأن الفقيد لم يقدم شيئا للفن عندنا، عدا المشاركة الرمزية لبعض المطربين الغيورين على واقع الأغنية "الرايوية" و"الوهرانية" على غرار باردوي بخدة وسيد أحمد قوطاي و"كادير سوناكوم" وكذلك المنتج ورفيق درب المرحوم جيلالي "فراتارنيل"...إلخ مما طرح العديد من التساؤلات عن سبب تفشي "مرض تهميش" هؤلاء المبدعين الكبار، وكم هم كثر نذكر على سبيل المثال لا الحصر: صورية كينان، وسيد علي كويرات وقاسي تيزي وزو...وغيرهم. وقد عرف الفقيد الذي ولد في 5 أفريل 1951 بوهران في بداياته في 1965 بأغنية "غاتلك زيزيا" وهي إعادة للتراث الشعبي المغربي والتي حققت له شهرة الى جانب أغان أخرى مثل "ميلودة". كما عمل إلى جانب العديد من المبدعين الكبار على غرار العازف الشهير على آلة الترومبيت "بلمو" وغيرهم مما جعله يساهم هو والكثير من الفنانين المعروفين في ترقية فن "الراي" الذي شقّ طريقه الى العالمية خاصة بإدخال آلات موسيقية عصرية. وأدخل المرحوم إلى المستشفى الجامعي لوهران منذ جويلية المنصرم ولأن المرحوم واجه ظروفا معيشية صعبة انسحب في هدوء عن الساحة الفنية منذ 1985.