يعيش حاليا كاتب الكلمات والمطرب بلقاسم بوثلجة صاحب رائعة “ميلودة” و”قاتلك زيزية” الذي عاصر عمالقة العزف، أمثال عازف الترومبيت الشهير مسعود بلمو وبوطيبة الصغير، ظروفا معيشية مزرية بعدما أقعده المرض في بيته ونهش جسده النحيل، وهو الذي صنع مجد الراي، ولولاه لما سطع نجم الشاب مامي والمرحوم حسني، ولا كان للشاب خالد الشهرة العالمية التي يتمتّع بها في أصقاع العالم قاطبة. يواجه بلقاسم بوثلجة مصيرا مأساويا ببيته الكائن بحي الزيتون بوهران، وسط معاناة لا يتجرع مرارتها سواه وعائلته، فحين تنطفئ الأضواء تنكشف الحقيقة، كما قال ودموع الحسرة متحجرة في مقلتيه، فمعاناته ليست معاناة فنان، إنّما اعتبرها معاناة إنسان يحتاج إلى يد ممدودة تخفّف عنه بعض آلامه، وتنتشله من براثن العوز والمرض، وما يحزّ في نفسه - كما أضاف - أنّ مسؤولي الثقافة بالولاية أداروا له ظهورهم، لاسيما أنّ مهرجان الأغنية الوهرانية الذي كرّم العديد من الأسماء الفنية ومنها من تكرَّم في كلّ مرة. ويعد بلقاسم بوثلجة أيقونة من أيقونات الراي الوهراني وأحد أساطيره، فهو الذي صنع لتلك الأسماء بريقها، ولكن شاء المرض وشاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يُرقده المرض ولا يجد من يكفله في خريف العمر. ويتردد كاتب الكلمات بلقاسم بوثلجة على المستشفى الجامعي الدكتور بن زرجب بجناح الأمراض الصدرية منذ 18 جويلية الماضي، ولا يجد من يرعاه ويلبي حاجياته سوى ابنته الوحيدة التي تتكبّد عناء ومشقة التنقل من ولاية سعيدة لترعاه، فزوجته معوّقة حركيا ومقعدة منذ سنوات، ولا يحوز على معاش ولا على أيّ دخل مادي. ولا يملك “عمي بوثلجة”، كما يحلو لجيرانه مناداته، تأمينا صحيا ولا بطاقة “الشفاء”، وهو ما ضاعف من حجم معاناته، وما يخفّف عنه الحزن والألم هو الوقفة والهبّة التضامنية التي أبداها أهل الحي، الذين لبوا النداء، في حين غابت الجهات الرسمية عن تلبيته، وهو شأن العديد من الأسماء الفنية التي جار عليها الزمن بعد الشهرة والمال، لتجد نفسها تعيش العوز والحاجة، كما هي حال بلقاسم بوثلجة، والتي حالت دون قدرته على دفع إيجار السكن الذي يأويه منذ ستة أشهر كاملة، إضافة إلى عجزه عن إجراء فحص بالأشعة المقطعية “سكانير”، الذي طلبه منه الطبيب المتابع لحالته لانعدام المال. وأمام هذه الظروف الاجتماعية القاسية، قال بلقاسم بوثلجة إنّه أفنى عمره في خدمة الفن، ورغم أنّه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أتيحت له فرص الإقامة بفرنسا، وكانت أبواب الشهرة مفتوحة أمامه على مصراعيها، إلا أنّه فضّل البقاء في الجزائر؛ لأنّه يحبّ وطنه، ولا يسعه إلا توجيه نداء استغاثة لوزارة الثقافة والسلطات المحلية بوهران من أجل مساعدته على العلاج وتحسين ظروفه المعيشية قبل فوات الأوان.