صدر أمس كتاب وثائقي جديد للمجاهد محمد بن عبورة عن دار القدس العربي بوهران بعنوان " جرائم بدون عقاب" ، حيث وكعادته فضل هذا "الباحث الفذ" النبش مجددا في تاريخ مجاهدينا وشهدائنا وشخصياتنا الثورية العظيمة ليأتي هذا المؤلف الجديد تزامنا مع مجازر 8 ماي 1945 ليقدم صفحات أخرى عن جرائم فرنسا التي راح ضحيتها الشعب الجزائري أثناء الثورة المجيدة . ويشير الباحث محمد بن عبورة في هذا الكتاب الذي جاء في طبعة جميلة، تحمل الكثير من الصور و الوثائق التاريخية و بعض الشهادات حول المجاهدين الذين حكم عليهم بالمقصلة ، في وثيقة تحمل العديد من الأسماء الشهيدة ،ومنها أحمد زبانة ما بين 1956 إلى غاية 1962 باسم رئيس الجلادين موريس ميسوني ، حيث بقي اسم الشهيد زبانة مرتبطا إلى الأبد باستعمال المقصلة في الجزائر إذ شاء القدر أن يكون أول مناضل يعدم يوم 19 جوان 1956 في سجن بربروس (سركاجي حاليا)، وعرف عبد القادر فراج نفس المصير في اليوم ذاته،كما قطعت رؤوس العديد من الجزائريين والفرنسيين المتضامنين مع القضية بنفس الطريقة ، وتفيد أرقام بعض قدماء المحكوم عليهم بالإعدام إلى أنه تم تنفيذ الحكم في حق 51 بوهران وحدها فقط . كما تم رمي برصاص الكثير من المجاهدين و حتى الأهالي دون محاكمة ،وظل تنفيذ الحكم لحظات رهيبة في حياة المدان، ولا يزال الأشخاص الذين نطق في حقهم الحكم بالإعدام ثم استفادوا من العفو يذكرون مرارة الأوقات التي قضوها داخل سجن بربروس، لحظات ألم وإهانة ورعب وانتظار رهيب لتنفيذ الإعدام بالمقصلة، كان الانتظار مرادف 'اللحظات الرهيبة' بالنسبة للمحكوم عليهم، فلا أحد يدري متى سيعدم ، وكل ما كان يعرف هو ساعة تنفيذ الإعدام بالشفرة القاطعة. كما تطرقت صفحات الكتاب البالغ عددها 116 لأنواع وسائل التعذيب المختلف التي مورست على المحكومين عليهم في سجونهم ،عن طريق الكهرباء و الماء إلى جانب الذين حكم عليهم بالمقصلة، فهؤلاء الذين كانوا يبقون في الزنزانة وقت تنفيذ الحكم ،يعيشون هذه اللحظة بين الخوف والرعب والجزع ،وكذا الانهيار العصبي بالنسبة للبعض، ولكن إحساس التمرد ضد الظلم والقمع الفرنسيين هو الذي كان يغلب في كل مرة، وأضاف أن هذه الأوقات الصعبة التي كان يعيشها المسجونون ،كانت تولّد في أعماقهم طاقة في تعزّيز إيمانهم بالله وحبهم للبلد ،وهذين الشيئين حمّساهم باستمرار لمواصلة الكفاح إلى غاية آخر نفس. تعرضت المرأة الجزائرية هي الأخرى لأبشع أنواع التعذيب لكنها قاومت وسقط منها في ساحة الاستشهاد العديد من جميلات الوطن ، و ناضلت ببسالة فرنسا و ترسانتها الجهنمية . كما تعرض إلى نوع أخرى من الهمجية الاستعمارية فهناك جماجم قادتنا في متحف فرنسا تحت ارقام منها جمجمة الشيخ بوزيان زعيم زعاطشة الذي يحمل رقم 5941، مختار قويدر تيتراوي رقم 5944 و غيرهم . طالب المؤلف بن عبورة في ختام الكتاب، من فرنسا الاستعمارية الاعتذار المعنوي عن جرائمها في حق الشعب الجزائري و على الشعب الفرنسي في الوقت الحالي أن يعرف ما حدث من بشاعة ضد الإنسانية وضد الشعب الجزائري الأعزل ، وحان الوقت أن يطوي صفحة الماضي، دون ان ينسى ما حدث، من أجل أن يفكر في بناء مستقبل دولته .