تعتبر المهرجانات والاحتفالات المحلية، من أهم ما يميز ثقافات الأمم وتقاليد الشعوب، التي تختلف من بلد إلى آخر، منها ما هو جميل، و منها ما هو غريب، و قد لا يخطر على بال أحد، كما هو الحال عليه في اسبانيا، حيث الاستعدادات جاريه للاحتفال بمهرجان تراشق الطماطم، الذي يعتبر من تقاليد هذا البلد، إعتاد عليها السكان المحليين، ويعشقها السياح الوافدين من كل أنحاء العالم. إذ يعبّر هذا الاحتفال عن مظاهر البهجة و الفرح، لجميع من يحضر هذا المهرجان، الذي لا يزال يثير دهشة واستغراب كل من يسمع عن مهرجان التراشق بالطماطم. 30 ألفا من السكان و السياح في الموعد يعتبر هذا الموعد من أهم الأعياد في إسبانيا، ليس لسكانها فقط، بل للكثيرين من الأوروبيين، الذين يسافرون إليها في الأربعاء الأخير من شهر أوت كل سنة، حيث يجتمع أكثر من 30 ألفاً من السكان والسياح يتقاذفون ب 100 طن من الطماطم المتوافرة بكثرة في الميدان لمدة 60 دقيقة، حيث تتلون مدينة بيونول الاسبانية بضواحي فالنسيا باللون الأحمر في كل معالمها من شوارع وملابس و غيره من معالم المدينة، لينطلق المحتفلون بالمهرجان في حرب شرسة فيما بينهم وسلاحهم الوحيد فيها حبات الطماطم الحمراء الجيدة النضج حيث يستخدمها المشاركون في مهرجان التراشق بالطماطم في حربهم لمدة ساعة كاملة على مدار أسبوع، وفي يوم الاحتفال يجتمع المشاركون في ساحة المدينة، في انتظار انطلاق اطلاق صافرة بداية المهرجان، حيث يكن لأي مشارك ان يقذف اي شخص بحبات الطماطم الناضجة تاما على أن يتم هرسها لتجنب إحداث أي اصابة لدى المشاركين، ويستمر المهرجان حتي تنطلق صافرة النهاية بعد حوالي ساعة. من مشاجرة بالصدفة إلى مهرجان رسمي تعود أصول هذه التظاهرة حسب بعض الروايات، إلى بداية القرن الماضي، حيث تقاذف السكان حبات طماطم كانت على عربة انقلبت في الطريق، كنوع من أنواع الاحتجاج على بعض السياسات، في حين تقول رواية أخرى، أن مهرجان التراشق بالطماطم، جاء عن طريق الصدفة، حين قامت مشاجرة جادة بين بعض الشباب في أحد شوارع مدينة بيونول الاسبانية، وأثناء المشاجرة لجأ الشباب لاستخدام الطمطم التي كانت على عربات في السوق، كسلاح لضرب خصومهم، و استمر الشجار حتى انهته القوات الأمنية، و بعد مرور سنة على هذه الحادثة، عاد نفس الشباب المشاجرة بالطماطم في العام الموالي، لكن الأمر كان هذه المرة بمحض إرادتهم، وعلى مر الأعوام صار هذا تقليدا ومهرجانا يحتفل به الاسبان في هذا الوقت من كل سنة، توالت الاعوام على حادثة التراشق بالطماطم، تنظم أحيانا و تحظر من قبل السلطات في أعاوم أخري، كما حدث في عام 1950 و1957، ولكن تحت الضغط الشعبي والالحاح الجماهيري، تم اعتماد مهرجان التراشق بالطماطم، مهرجانا رسميا وشعبيا في كل انحاء اسبانيا.
ازداد عدد المشاركين في المهرجان سواء من السكان الأصليين أو السياح، مما تطلب الأمر استهلاك كميات كبيرة جدا من الطماطم، و هو ما أثار جدلا كبيرا من الجانب الاخلاقي للمهرجان، حيث يتم اهدار كميات ضخمة من الطماطم، في الوقت الذي تواجه فيه شريحة كبيرة من البشر حاجة إلى الطماطم كغذاء لها، و رغم ذلك يسعد الاسبان والضيوف بكل فعليات بمهرجان التراشق بالطماطم، على مدار أيامه السبعة، ليختتم على أمل العودة في العام المقبل، و تشتهر إسبانيا بالعديد من المهرجانات الثقافية، و التظاهرات الموروثة والاحتفالات التقليدية، التي يتميز بها هذا البلد، مثل الفلكلور الشعبي المسمى بالفلامنكو، و أيضا مصارعة الثيران ، ولكن المتابع للمهرجانات الإسبانية، سيكتشف أن مهرجان التراشق بالطماطم، يحظى بشعبية في وباهتمام كبير لدى الاسبان، و الذي تدور أحداث هذا المهرجان في مقاطعة فالنسيا بمدينة صغيرة.