الجزائر منارة المغرب العربي في الفكر والأدب والحضارة عبر حقب التاريخ، ورغم فترة الجمود التي عرفتها وخاصة خلال عشرية الدم في تسعينيات القرن الماضي، إلا أنها جددت حيويتها واستعادت مكانتها الريادية مغاربيا وعربيا، لكنها بقيت متأخرة عن حركة الانفتاح والانصهار الثقافي التي فرضتها العولمة بسبب تعثر حركية الترجمة أو بطؤها مقارنة بدول عربية أخري كدول الجوار تونس و المغرب مثلا . فبالرغم من نشأة المعهد العربي للترجمة بالجزائر سنة 2005 إلي انه لم يحمل على عاتقه مسؤولية تبني نقل موروث هائل تزخر به الجزائر في مجالات الأدب والحضارة والفكر والتاريخ..الخ والممتد عبر حقب تاريخية متباينة إلي ضفاف العالم الأخرى وبمختلف اللغات وبروح جزائرية خالصة، ونفس القول ينطبق على المركز الوطني للكتاب الذي أنشاء من عشرية كاملة ومازال يمارس الغياب، هذا ما جعل من الترجمة تأخذ الطابع المناسباتي والمرتبط بالتظاهرات الكبرى كالجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007، وتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 وقسنطينة عاصمة الثقافة العربية، والبقية ليست سوي جهود فردية متقطعة لا تحظى بالاهتمام من قبل المسؤولين في الشأن الثقافي في ظل غياب قانون خاص بالمترجم، والنقطة الأهم أيضا في تقهقر الترجمة في بلادنا هو انقسام النخبة منذ الاستقلال وإلي يومنا هذا بين معرب وفرانكفوني، وكل منهما يغني علي ليلاه ويريد فرض فكره بتقزيم الطرف الأخر وخلق ذرائع الاختلاف والخلاف وصد جميع المنافذ المؤدية إلي حوار حضاري راقي يشجع علي الإبداع الخلاق والاتصال والتواصل مع العالم. الترجمة عصارة فكر و روح، وهي جسور لتلاقي البشرية علي مختلف ألوانها ولغاتها وأعراقها، فتتضاءل مساحات الجغرافيا علي امتداد خطوط الطول والعرض وتنفتح وتتسع الأفاق الفكرية، إنها الإبداع الصامت في بلادنا والنافذة المغلقة التي تنتظر أن تشرع علي العالم وتنفذ منها أنوار الحضارات الأخرى.