وكلنا يذكر التصريحات التهكمية التي أطلقها الرئيس الإيراني في نيويورك قبل قرابة أسبوعين، حين قال إن زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن موجود في واشنطن، «لأنه شريك سابق لبوش.. كانا زميلين.. تعاونا في مجال النفط وعملا معا. ولم يتعاون بن لادن يوما مع إيران لكنه تعاون مع بوش»، ومضيفا بجدية «كونوا متأكدين أنه في واشنطن. هناك احتمالات كبيرة أن يكون هناك». وعليه، فمن يعلم ما إذا كان بن لادن موجودا فعلا اليوم في إيران؟ لكن الأكيد، وهو الأمر الذي كشفته «الشرق الأوسط» من قبل، أن بعضاً من أبناء بن لادن موجودون في إيران، وقد تكون القصة الأكثر حضوراً في الذاكرة هي قصة إيمان بن لادن التي غادرت طهران بعد جهد كبير إلى سورية. واليوم تشير التقارير إلى أن بعضاً من قيادات «القاعدة» عادت للتحرك بحرية من وإلى خارج إيران. التقارير تشير إلى أن إيران بدأت تعيد النظر في حساباتها تحسباً لاندلاع مواجهة عسكرية مع أميركا، أو إسرائيل، أو حتى في حال فرضت عليها عقوبات. الخطورة تكمن في أن هذا الطرح يجد تأييداً لدى كثير من المصادر العربية والغربية، التي تحدثت إليها طوال الأشهر الماضية؛ فالجميع يرى أن التهديدات العسكرية الإيرانية هي للاستهلاك الإعلامي، بينما الخطورة الحقيقية تكمن في احتمالية استخدام إيران للأعمال الإرهابية، وبعض الخلايا النائمة، هنا وهناك. وهذا ما قد يفسر بعضاً من الأخبار المتلاحقة التي تخرج بين الحين والآخر في منطقتنا عن وجود خلايا، أو شبكات تجسس إيرانية، إلا أن كثيراً من الدول العربية، الخليجية تحديداً، تسعى إلى التقليل من قيمة تلك الأخبار، من أجل عدم التصعيد مع إيران. وما يؤكد خطورة الوضع، وجديته، هو ما قاله مصدر إيراني مطلع للصحيفة أول من أمس بأن طهران استخدمت بالفعل «القاعدة» في كل من العراق وأفغانستان، حيث يقول المصدر الإيراني المطلع إن استخدام عناصر «القاعدة» من قبل طهران «يأتي في إطار لعب إيران بكل الأوراق التي يمكن أن تسبب إيذاء لأميركا في المنطقة، وتعجل بخروجها»، موضحا أن «الإيرانيين استخدموا (القاعدة) ببراعة في العراق وأفغانستان. وبسبب الوضع الراهن فإن إيران على الأرجح تقوم بتغيير تحركاتها تجاه (القاعدة) من أجل الاستفادة منها أكثر ربما في مناطق أخرى». وبالطبع هذا أمر مفهوم إذا ما تذكرنا أن عدو عدوي صديقي، إلا أن السؤال الملح هو: ما مدى استعدادنا لكل ذلك؟