بينما تخلو شوارع الجزائر العاصمة من زحامها المعتاد، جلس الكهل الجزائري سفيان بومالة (56 عاماً) داخل متجره المخصص لبيع المواد الغذائية في حي سعيد حمدين بالجزائر العاصمة يتابع عماله وهم يضعون البضائع على الأرفف بعد أن أوقف حركة البيع لساعة واحدة، ليتمكن من ترتيب محله بعد أن أتى الزبائن على محتوياته بسبب الإقبال على تخزين المواد الغذائية نتيجة فيروس كورونا. وقال بومالة ل«الاتحاد»: «منذ الإعلان عن حظر التجوال قبل نحو أسبوع وهناك إقبال متزايد على شراء المواد الغذائية وتخزينها، ولذلك أحياناً تفرغ الأرفف ونضطر لوقف حركة البيع لإعادة ترتيب البضائع». ويحرص بومالة على ألا يتجاوز عدد الزبائن في المحل عن 5 في كل مرة، بينما يرتدي هو وعماله الكمامات والقفازات البلاستيكية تجنباً للعدوى، بينما يرش عربات التسوق بماء مخلوط بالكلور لتعقيمها، كما يضع العملات المعدنية في وعاء به نفس الخليط تجنباً للعدوى. ويعمل بومالة من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء، وهو ما يفسره قائلاً «في الأيام العادية نعمل من الثامنة صباحا حتى منتصف الليل، إلا أنه بسبب حظر التجوال الذي يبدأ في السابعة مساء، قررنا الغلق في الخامسة مساء لنتمكن من العودة لمنازلنا قبل بدء الحظر». ومنذ يوم الثلاثاء الماضي، فرض المجلس الأعلى للأمن بالجزائر برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون حظرا جزئيا للتجوال في العاصمة من 7 مساء لمدة 12 ساعة، قبل أن يوسع الحظر ليشمل 9 ولايات أخرى، بينما فرض حظرا كاملا على ولاية البليدة المتاخمة للعاصمة، التي ظهرت بها نحو 50% من حالات الإصابة بفيروس كورونا. ورغم أن الحظر يبدأ مساء، إلا أن 95% من المحال التجارية على اختلاف أنشطتها في العاصمة أغلقت أبوابها، وأعلنت دخولها في عطلة غير محددة الآجال، إلى أن ينتهي فيروس كورونا. ويمكن للمارة في شارع سيدي يحيى التجاري الشهير في حي حيدرة بأعالي العاصمة، أن يلاحظ خلو الشارع تماماً من المارة، بعد أن أغلقت كل محاله التجارية أبوابها، في مشهد غير معتاد. ويقول شريف بن جدو مدير أحد المقاهي بشارع سيدي يحيى «أوقفنا العمل في المقهى قبل قرار الحظر بأسبوع، خوفا على الزبائن وعلى أنفسنا من العدوى». ويضيف «كنا نقدم الشيشة، وهي وسيلة سريعة لانتشار العدوى، كما أن الزحام أيضا يعد فرصة سريعة لذلك، وهو ما جعلنا نقرر غلق المقهى، قبل صدور قرار حكومي بغلق المقاهي والمطاعم بنحو أسبوع». وقال «ندفع للعمال رواتبهم حتى الآن، ولكن إذا طال الأمر لن نستطيع ذلك، لذلك نأمل في أن تنتهي الأزمة سريعا». أما عرفات بيلاوي (48 عاما) محاسب بأحد البنوك، فقال ل«الاتحاد»، إن «المشهد في الشارع يذكرني بفترة العشرية السوداء، حين كانت الشوارع تخلو من المارة منذ المغرب وحتى صباح اليوم التالي». وأشار إلى أن وعي الشعب الجزائري جعل أصحاب أغلب المحال يغلقون أبوابها حتى قبل قرار الحظر، تحسبا لانتشار العدوى، وهو ما قلل نسبة الإصابات. وامتد تأثير «الكورونا» أيضا إلى الحياة السياسية، حيث أوقف الحراك الشعبي تظاهراته منذ أسبوعين بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا.