مكّنت الإجراءات السريعة والصارمة التي بادرت بلدان الخليج إلى اتّخاذها لمحاصرة فايروس كورونا، تلك البلدان من تجاوز السيناريو الأسوأ الذي بلغته دول أخرى في مقدّمتها إيطاليا وإسبانيا والولايات المتّحدة، إضافة إلى الجارة القريبة إيران. لكن مختلف تلك الإجراءات لم تنمع تصاعد أرقام المصابين بالوباء والمتوفّين جرّاءه، في مؤشّر على المسير نحو بلوغ ذروة انتشار الفايروس خلال مدى زمني يتراوح بين أسبوع وأسبوعين، الأمر الذي جعل بلدان الخليج تتّجه نحو اللجوء إلى أسلوب العزل الشامل ك"آخر دواء" لمحاصرة الفايروس القاتل. وقررت وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية ابتداء من الجمعة وحتّى إشعار آخر، منع التجوّل والتنقل الكلي والخروج من المنازل في معظم أحياء المدينةالمنورة، بينما أعلن في سلطنة عمان عن عزل محافظة مسقط التي تضمّ عاصمة البلاد بشكل كامل. وكانت دولة الإمارات قد بادرت بشكل مبكّر بإيقاف مؤقت للعديد من الأنشطة مستثنية الأكثر حيوية، ومعولّة على متانة بناها التحتية لتأمين ما يمكن تأمينه من خدمات عبر نظام العمل عن بعد. وأعلنت وزارة الصحة الإماراتية، الجمعة، عن تسجيل 331 حالة إصابة جديدة بفايروس كورونا. وقالت وكالة الأنباء الإماراتية "وام" إنّه تماشيا مع خطة وزارة الصحة ووقاية المجتمع لتوسيع وزيادة نطاق الفحوصات في الدولة بهدف الاكتشاف المبكر وحصر الحالات المصابة بفايروس كورونا المستجد والمخالطين لهم وعزلهم، أعلنت الوزارة عن إجرائها أكثر من 40 ألف فحص جديد خلال اليومين الماضيين على فئات مختلفة في المجتمع من مواطنين ومقيمين، وباستخدام أفضل وأحدث تقنيات الفحص الطبي. وساهم تكثيف إجراءات التقصي والفحص في الدولة وتوسيع نطاق الفحوصات على جميع المواطنين والمقيمين في الكشف عن الحالات الجديدة التي تمّ إخضاعها للرعاية الصحية اللاّزمة. أما في الكويت، فقد قرر مجلس الوزراء تكليف الفرق المتخصصة والجهات المعنية بإعداد واستكمال كافة المتطلبات اللاّزمة لوضع الخطط التنفيذية للتعامل مع حالة إعلان الحظر الشامل للتجول في كل مناطق البلاد. وتكاد قطر تشكّل الاستثناء في صعوبة تطبيق أسلوب العزل الشامل، في ظل تواتر التقارير المحذّرة من مواصلة العمل في مشاريع إقامة كأس العالم 2022، الأمر الذي يعرّض مئات الآلاف من العمّال الأجانب لخطر الإصابة بالفايروس، ويهدّد البلد ككل بفقد السيطرة على الوباء. وأعلنت وزارة الصحة القطرية، الجمعة، عن تسجيل 136 إصابة جديدة بكورونا خلال 24 ساعة ليرتفع إجمالي عدد الإصابات في البلاد إلى 2512 حالة، وهو رقم مرتفع قياسا بعدد السكان البالغ حوالي 2.6 مليون نسمة. وتبعا لذلك أعلنت الدوحة إيقاف جميع الأنشطة التجارية في المحال والمكاتب يومي الجمعة والسبت، بينما هدّدت اللجنة العليا لإدارة الأزمات كل من يخرق إجراءات مواجهة الفايروس بالمساءلة القانونية. وفي السعودية قال مصدر مسؤول بوزارة الداخلية، الجمعة، إنّ اللجوء إلى إجراءات العزل الشامل جاء انطلاقا من دور الجهات المختصة في متابعة مستجدات فايروس كورونا واتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية حفاظا على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، وبناء على التوصيات الصحية المقدمة من الجهات المعنية بتعزيز تلك الإجراءات والتدابير للوقاية. وأشار ذات المصدر إلى أنه تقرر أن تتولى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إمداد المحتاجين بسلال غذائية ومواد تموينية ومتابعة احتياجاتهم بشكل دوري على أن تتولى وزارة الصحة توفير الأدوية والخدمات الطبية اللاّزمة لهم. وقررت الوزارة بشكل استثنائي السماح لخدمات التوصيل المنزلي بالعمل خلال فترة منع التجول الكلي مع مراعاة الاشتراطات الصحية اللاّزمة. وفي مملكة البحرين التي لا تزال تلتزم إجراءات العزل الجزئي، فقد أعلن عن تسجيل سادس وفاة بكورونا من مجموع أكثر من 860 حالة إصابة بالوباء. وفي سلطنة عمان أعلنت، الجمعة، وزارة الصحة في بيان أنها سجلت 27 إصابة جديدة بالوباء ليرتفع الإجمالي إلى 484 بينهم 3 وفيات. وبشأن فرض عزل صحي عام على ولاية مسقط، قالت الشرطة العمانية في بيان إن العزل يبدأ اعتبارا من الجمعة وحتى إشعار آخر. وفي الأثناء أعلنت الكويت عن تسجيل 83 حالة إصابة جديدة بفايروس كورونا خلال 24 ساعة ليرتفع بذلك عدد الحالات المسجلة بالبلاد إلى 993 حالة. وبالنظر إلى تزايد عدد المصابين أعلن مجلس الوزراء عن اتخاذ إجراءات تمهيدية لفرض حظر شامل بعد أن كانت الكويت قد فرضت منذ 22 مارس الماضي حظرا جزئيا يمتد من الخامسة مساء إلى السادسة من صباح اليوم التالي.