في عام 2012، أصدرت “منشورات جامعة برينستون” أول موسوعة للفكر السياسي الإسلامي منذ ولادة الإسلام وحتى يومنا هذا، وتقدم هذه المرجعية الشاملة السياق اللازم لفهم السياسات المعاصرة في العالم الإسلامي وخارجه، حيث شارك فيها فريق دولي من المتخصّصين يتكون من 400 أكاديمي وباحث. تركز الموسوعة التي صدرت ترجمة الجزء الأول منها حديثاً عن داري “الروافد الثقافية” و”ابن النديم”، وأنجزها المترجم عمرو بسيوني، على أصول وتطور الأفكار السياسية الإسلامية والموضوعات ذات الصلة، وتغطي المصطلحات والمفاهيم والشخصيات والحركات والأماكن والمدارس الفكرية عبر التاريخ الإسلامي. يضم العمل 15 معالجة معمقة للموضوعات الرئيسية وهي النبي محمد والجهاد والسلطة والجنس والثقافة والأقليات والأصولية والتعددية. وتغطي مشاركات أخرى مواضيع مثل مصادر الفكر السياسي الإسلامي، والخلافة، والحداثة، والمعرفة، والشريعة، والحكم، والإحياء والإصلاح، والمفاهيم والمؤسسات، والحركات والأحزاب الحديثة، والمجتمع المدني، والأسلمة، والعلمانية، والحجاب، والإخوان المسلمين. كما تتناول الشريعة الإسلامية والجمعيات الإسلامية التقليدية، والعدل والضرائب والفتوى والمعارضة والحكم، والتقوى والزهد، والتجارة والتبادل التجاري، والطوائف والمدارس والمعتزلة والشيعة وقريش ومكة والمدينة، والإسلام في إندونيسيا، ونيجيريا، وآسيا الوسطى، والعثمانيين. ويخصّص الكتاب فصولاً للمفكرين والشخصيات ورجال الدولة، فنجد الماوردي والشافعي وصلاح الدين، وأتاتورك، وأكبر، وتيمورلنك، والخميني، وجمال عبد الناصر، كما يحتوي على سبع خرائط تاريخية ومعاصرة للإمبراطوريات الإسلامية والدول القومية ما بعد الاستعمارية والسكان. يقول المترجم في مقدمته إن “التغير في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي شهدها العالم العربي والإسلامي؛ كان من شأنه أيضًا أن يجعل البحث في الفكر السياسي الإسلامي قضيةً حيوية، وبرنامجًا للإصلاح أو المقاومة أو حتى الحُكم، في العديد من التجارب العربية والإسلامية، وليس مجرد موضوعٍ بحثي أو دراسي بحت”. ويكمل “ظهرت العديد من التيارات الإسلامية، وتنوّعت اتجاهاتها وبرامجها، ما بين الحداثي المحض المقارب للعلمانية، إلى الراديكالي القتالي الذي يتبنّى العنفَ المطلق، وما بينهما من تيارات، مع ظهور نزعات “ما بعد الإسلاموية” من حين إلى آخر (…) ومن هنا أصبح (استهلاك) الفكر السياسي الإسلامي أمرًا ضروريًّا وليس رفاهية علمية”. وحول أهمية ترجمة الموسوعة في هذا السياق، يوضح بسيوني أن كتاب “مدخل إلى الفكر السياسي الإسلامي”، هو طليعة: موسوعة الفكر السياسي الإسلامي (برينستون)، وهي أكبر موسوعة متعلقة بالمفاهيم والنظريات والتاريخ والأحداث والشخصيات – وملحقاتها – المتعلقة بالفكر السياسي الإسلامي، ستمثِّل مرجعًا لا يُستغنى عنه للباحث في العلوم السياسية الإسلامية، تراثيّها ومعاصرها على حدٍّ سواء. العمل بنسخته العربية يضم 16 قسماً، ومقدمة تاريخية طويلة تُجمِل تاريخ الفكر السياسي الإسلامي وتغطي بعض الأقسام جوانب مفهومية مركزية محددة في تكوين الفكر السياسي الإسلامي، وتُحلِّلها مفهوميًّا وموضوعيًّا وتنقدها، وتغطي أبواب أخرى بعض عناصر الفكر السياسي الإسلامي بصورة تاريخية تبيِّن السيرورة التي مرّ بها وتطورها وأهم أعلامها، وهو بذلك يوازن بين التنظير والتأريخ، وهو ما يحتاجه الباحثون في الفكر السياسي الإسلامي من أجل تعميق إحاطتهم بتاريخ هذا الفكر وأهم مبانيه النظرية على السواء.