صدر منذ أيّام، عن دار الساقي كتاب «قراءات في القرآن» للمفكر محمد أركون، وترجمه للعربية الكاتب والمترجم السوري هاشم صالح وهو مختص في فكر أركون، وقام بترجمة العديد من كتبه ومقارباته الفكرية إلى اللغة العربية. الكِتاب صدر للمرة الأولى عام 1982، واعتبر من الكًتب الأساسيّة المفتاحية في تاريخ مسار أركون الفكري، إذ يُعتبر بمنزلة البذرة الأولى التي صدرت عنها كلّ مؤلّفاته اللاحقة، وقد كرّس السنوات الأخيرة من حياته لتعديله وتنقيحه واستثمار بعض الإضافات فيه. يتطرّق الكِتاب الذي جاء في 688 صفحة، إلى الموضوعات الأكثر حساسية وأهميّة في راهن اليوم، وإلى مكانة الكتاب المقدس بصفته كلام الله، كما يتناول أمور الشريعة ووضع المرأة في المجتمع الإسلامي، الجهاد، الإسلام السياسي، وغيرها من الموضوعات الشائكة التي أثارت/وتثير الكثير من الجدل. ويثبت خلال ذلك كلّه أنّ كلّ قراءات القرآن وتفاسيره هي بالضرورة «تركيبات بشرية». وفيه يُجيّش ويوظف ويستثمر أركون، كلّ إمكانات علوم الألسنيات الحديثة والدلالات السيميائية وتاريخ العقليات والاجتماع، بغية تفكيك الخطاب التقليدي الموروث عن القرآن. وقد شهد هذا الكتاب، في إنجازه واكتماله، على مدى خصوبة المناهج الجديدة التي دشّنها محمد أركون قبل ما يقارب النصف قرن، وسيظلّ ذا أهمية حاسمة بالنسبة إلى النضال ضدّ كل أنواع الأصوليات. يذكر أنّ محمد أركون من مواليد العام 1928، وقد رحل عام 2010، وهو باحث ومؤرّخ ومفكّر جزائري، ويعتبر أحد كبار الشخصيات الممثّلة لعلم الإسلاميات المعاصر، كتب باللغتين الفرنسية والإنكليزية، وتُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات، ومن مؤلّفاته عن دار الساقي: «أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟»، «نحو تاريخ مقارن للأديان التوحيدية»، «من منهاتن إلى بغداد: ما وراء الخير والشرّ».