تندرج زيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون إلى دولة قطر، في إطار العلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين والحرص المشترك والمتواصل على دعمها والارتقاء بها نحو آفاق أعمق وأشمل، بما يخدم المصالح والأهداف والتطلعات المشتركة للدولتين وشعبيهما الشقيقين. وسيستقبل الرئيس تبون اليوم الأحد في الديوان الأميري، من طرف الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى آخر تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وتسهم الزيارة والمباحثات المقرر اجراؤها في تطوير وتعزيز العلاقات الجزائر بين الدوحة في شتى المجالات، وتقديم المزيد من الدعم والإسناد للقضايا العربية والدولية التي يتشارك البلدان حيالها رؤى واحدة ومتطابقة. وتكتسب زيارة الرئيس تبون للدوحة بُعداَ استثنائياَ من حيث توقيتها، حيت تأتي قبل انعقاد القمة العربية التي ستستضيفها الجزائرَ ، كما تتزامن مع القمة السادسة لرؤساء الدول الأعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز التي ستعقد بالدوحة خلال الأسبوع الجاري، علماً بأن الدولتين من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي في العالم، كما أنهما دولتان محوريتان في إطار جامعة الدول العربية وفي المحيط الإقليمي، تجمعهما رؤى واحدة ومواقف مشتركة ومبادئ راسخة تجاه المصالح الثنائية والقومية والقضايا العربية والدولية والأمن والسلام في العالم. وتتميز العلاقات بين الجزائر ودولة قطر على المستوى السياسي، حيث ترتكز على الاحترام المتبادل والتشاور والتنسيق المستمرين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما تعد العلاقات الثنائية ببين البلدين تاريخية ومتنامية عبر محطات مضيئة، إذ ترجع الروابط الأخوية بين البلدين إلى سنوات طويلة مضت، وترسخت عبر عقود من التعاون والتآزر بين قيادتي البلدين الشقيقين، فضلا عن أن دولة قطر من الدول التي دعمت نضال الشعب الجزائري وثورته منذ بدياتها، ووقفت إلى جانب الشقيقة الجزائر، ولا تزال على عهدها حتى اليوم، ما يعكس عمق العلاقة الوطيدة والأخوة العميقة والثقة المتبادلة التي تجمع البلدين. تعززت علاقات البلدين الشقيقين واتسعت وازدادت رسوخا عبر سلسلة من الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، وتؤكد الزيارات المتعددة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله، وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للجزائر وكذلك الزيارات المتبادلة للوزراء والوفود وكبار المسؤولين في البلدين الحرص الكبير من الدولتين على تقوية هذه العلاقات بكل النواحي، والعمل على تعزيزها بشكل أكبر، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب لما فيه الخير والازدهار والنماء للبلدين لخدمة طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين. وساهمت الزيارة التاريخية لأمير إلى الجزائر في فبراير 2020 في ترسيخ التعاون بين البلدين على كافة الأصعدة، لا سيّما على المستويين الاقتصادي والاستثماري اللذين يشهدان نُموا مطرداً وسريعا على المستوى الحكومي أو على مستوى رجال الأعمال. تنظم العلاقات الجزائريةالقطرية ، العديد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات، التي تشمل التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة، والصناعة والطاقة والمناجم والاستثمار، والزراعة والسياحة، والصحة والرياضة، والجمارك والنقل البحري والفلاحة والتعاون العسكري، فضلا عن قطاعات الثقافة والإعلام والرياضة، والتخطيط العمراني، إلى جانب التعاون في المجالات القانونية والقضائية، والرقابة الاقتصادية ومكافحة الغش التجاري وتجنب الازدواج الضريبي، والصيد البحري والموارد المائية والمحميات الطبيعية. وعززت هذه الاتفاقيات العلاقات الأخوية بين البلدين ورسختها وارتقت بها من مرحلة التعاون الثنائي إلى الشراكة الاستراتيجية الطموحة الواثقة بتحقيق أهدافها ونجاح مشروعاتها. وتعتبر الجزائر من الوجهات الاستثمارية التي تلقى اهتمام رجال الأعمال القطريين، فقد تم خلال السنوات الاخيرة إنشاء عدد من المشروعات الاستثمارية القطريةبالجزائر كان أبرزها مشروع "بلارة الجزائريالقطري للصلب" بولاية جيجل، الواقعة شمال شرق الجزائر العاصمة، على مساحة تبلغ حوالي 216 هكتارا، وبتكلفة ملياري دولار تقريبا، وبطاقة إنتاجية تقدر ب 5 ملايين طن من الصلب، وهو معد لإنتاج نوعية نقية من الحديد بتقنية الاختزال المباشر النادرة عالمياَ، والتي تعتمد على الغاز ما جعل المصنع يحظى بسمعة عالمية، ويبرم اتفاقيات مع شركات دولية للتصدير. ويعد المشروع من أهم مشاريع الشراكة الاستراتيجية بالمجال الاقتصادي بين البلدين الشقيقين، فضلا عن مشروع مجموعة /أُوريدو/ الرائدة بقطاع الاتصالات، التي حققت وتحقق نجاحاَ معتبراَ في الجزائر، وهناك العديد من الاستثمارات المهمة لرجال أعمال قطريين بعدة ميادين كالزراعة والسياحة والخدمات والبيئة وغيرها من المجالات ، وتعتبر قطر من أكبر المستثمرين بالسوق الجزائري كونه سوقا واعداَ ويزخر بالكثير من الفرص التي تجذب أي مستثمر.
وقد أسهمت جهود غرفتي البلدين بفتح مجالات تعاون جديدة بين القطاع الخاص، بما يؤسس لشراكات وتحالفات تخدم اقتصاد الطرفين ، وكان الاجتماع الأول لمجلس الأعمال القطريالجزائري خلال أبريل الماضي حدثاً هاماً من شأنه أن ينعكس بشكل إيجابي على حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين . وتوجد عشرات الشركات القطريةالجزائرية المشتركة العاملة بالسوق القطري، ومن المنتظر زيادة أعدادها خلال الفترة المقبلة، خصوصا مع توفر العديد من الفرص الاستثمارية بمختلف القطاعات الاقتصادية ولا سيما الصناعات الصغيرة والمتوسطة، في ضوء قدرات وإمكانات الدولتين. وتعد الجزائر بوابة إفريقيا، نظراً لموقعها الجغرافي الهام بين القارتين الأوروبية والإفريقية، وتربطها علاقات متميزة مع دول المجموعتين، ويتمتع السوق الجزائري بإمكانيات طبيعية تتراوح بين التنوع المناخي والأراضي الزراعية بالإضافة لتوافر الأيدي العاملة الجزائرية المتخصصة والماهرة، ما يتيح الكثير من الإمكانيات والفرص الاستثمارية بمختلف القطاعات كالتعدين والأدوية والسياحة والصناعة والخدمات والزراعة. وتعمل الجالية الجزائرية في قطر، بمختلف قطاعات النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، لا سيما النفط والغاز، والطيران، والرياضة والإعلام، وتقدم بذلك مساهمة تَحظى بالتقدير من القيادة القطرية، كونها تساهم بالمسيرة التنموية على ضوء رؤية قطر الوطنية 2030 والتحضيرات لكأس العالم 2022، ذلك الحدث العالمي الرائع والكبير الذي يترقبه الرياضيون وعشاق كرة القدم عبر العالم.