يتحمس الفرنسيون هذه الأيام في التحضير لاحتفالات الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر حيث دأبت الفضائيات الفرنسية منذ فترة على تقديم أفلام وثائقية، قديمة وحديثة، تستوحي الثورة أو الحرب بحياد أو عدم انحياز، ملقية الضوء على أسرار هذه الحرب وخفاياها كما برزت في الساحة الثقافية ظاهرة إقبال الفرنسيين على الكتابة في الحقل الجزائري، حتى بات من الصعب جداً وربما من المستحيل إحصاء الكتب الفرنسية التي كتبت عن الجزائر، قديماً وحديثاً. علماً أنّ هذه الظاهرة هي غاية في التعقد والالتباس وتحتاج الى مقاربة عميقة وشاملة ، فهل تعني ذكرى الاستقلال الفرنسيين أكثر مما تعني الجزائريين ؟ ولماذا الفرنسيون أشد حماسة من الجزائريين؟ ولماذا يهتمون بهذه الذكرى في هذا الوقت بالذات؟ الكاتب مرزاق بقطاش: كل ما تقوم به فرنسا يندرج ضمن خطة لاحتواء المغرب العربي ما يحدث في مالي ولييا اليوم ليس بريئا يرى الكاتب مرزاق بقطاش أن الفرنسيون يحاولون استعاب مرحلة الثورة في الجزائر من وجهة نظرهم ، حيث قال أنه لا يلومهم حتى وإن كذبوا علينا فالمهم في الأمر أن ننسلخ عن مواقفنا القديمة وأن نقف الند للند وطالب بقطاش المؤرخون أن يعالجوا تاريخ بلادهم برؤية جزائرية محضة وبنظرة علمية وذلك حتى تعلم الأجيال الطالعة بأن فرنسا ستظل متشبثة بنا وتحاول الإنتقام منا لأنها لا تزال تحت وطأت الركلة الرعناء التي وجهها لها الشعب الجزائري ، وأرجع مرزاق هذا الاهتمام الزائد بتاريخنا إلى أن الفرنسيون اليوم يحاولون أن يقرحوا المسألة إلى قضية انتخابية من جهة ولأنهم لا ينظرون إلى الجزائر نظرة إيجابية خصوصا وأن هذه السنة تحتفل بالذكرى الخمسين لاستقلالها ، وأضاف محدثنا أن كل ما تقوم به فرنسا داخل في خطة لاحتواء المغرب العربي وما يحدث في المال وليبيا ليس بريئا فلا تزال أعينهم على الجزائر. الدكتور أمين الزاوي: نحن نشتغل على تاريخنا بشكل هاوي وإقصائي احتفالاتنا بخمسينية الإستقلال ستكون فولكلورية نحن لم نكتب تاريخنا بعد وفرنسا اشتغلت عليه بمنهجية تخدمهم أرجع الدكتور أمين الزاوي اهتمام الفرنسيين الزائد بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر لعاملين أساسيين عامل الإنتخابات وعامل عقدة لدى النخب الفرنسية ، حيث اعتبر الزاوي أن الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر ورقة من الأوراق التي تلعب عليها فرنسا من أجل إنجاح حملتها وقال الزاوي أن التاريخ والخطاب السياسي يعتبر واحد من الفضاءات التي يستغلها المنتخبون والمترشحون وفرصة في حل العقدة الثقافية التي تخنق النخب منذ زمن ، وعن حرص الكتاب الفرنسيين بتوثيق تاريخ الثورة الجزائرية أكد الزاوي أن الأمر ناتج على علاقة التوتر والكراهية وعلاقة الأندلس المفقودة ، ويعتقد الزاوي أن الفرنسيون سيقومون بواجبهم اتجاه تاريخهم في الجزائر في خمسينية الإستقلال أما في الجزائر فهو يرى أن البرنامج المسطر للذكرى لن يخرج عن شكله الطبيعي وسنسقط من جديد في الإحتفالات الفلكلورية وإعادة نشر الكتب القديمة حيث لا توجد كتب جديدة وانتاج جديد عن الثورة الجزائرية وأضاف قائلا :في تصوري الفرنسيون يشتغلون عن تاريخنا بمنهجية تخدمهم ونحن نشتغل على تاريخ هاوي وبشكل إقصائي ولا توجد نوع من المنهجية المفتوحة لتايخ الجزائر فهو يرى أن التاريخ في الجزائر لم يكتب بعد. المؤرخ عزيز طارق ساحد : هي خطوات من معمرين فقدوا امتيازاتهم في فرنسا قال عزيز طارق ساحد مؤرخ وأستاذ تاريخ بجامعة بوزريعة أن إهتمام النخبة الفرنسية المثقفة بالذكرى الخمسين للاستقلال هي رد فعل طبيعي خصوصا بعد أن سمحت السلطات الجزائرية لبعض المعمرين بزيارة الجزائر الأمر الذي جعلهم يحنون للماضي ويحلمون باسترجاع ممتلكاتهم من منازل وأراضي تركوها بعد استقلال الجزائر مضيفا أن هناك عدة قضايا مطروحة لدى المحكمة العليا من بعض المعمرين الذين يطالبون باسترجاع أملاكهم العقارية بعد أن فقدوا امتيازاتهم في فرنسا فهم يعيشون اليوم في ظروف صعبة.