لم يستثنِ الاحتلال الصهيوني من إمعان شهوته الانتقامية أحدًا في فلسطين ، فهو يعاقب الفلسطيني لصموده وإصراره على تأكيد حقه في وطن سلب منه بقرارات ومؤامرات دولية وبأيٍد خبيثة. وفي خضم تنفيذ خطط سلب الوطن وإنكار الوجود العربي سرق الاحتلال الكنافة والفلافل والتبولة والكوفية والعقال وحتى الموال واقتلع الزيتون وقتل السلام وهجر الحمام وطرد الأنام وجرف الحقول وهدم البيوت، وقتل الآمنين في بيوتهم واعتقل الرجال والشيوخ والنساء، وجثامين الأبطال، لم تكتفِ العنصرية الصهيونية عند هذا الحد، بل مدت شهوتها الانتقامية لتصل إلى الطفولة البريئة فحرقت وقتلت وجرحت وبترت وأسرت وحبست وحكمت على أطفال دون سن الحلم بالعذاب وضياع الطفولة لأنهم يحبون فلسطين، و ينشدون السلام، لا غرابة وعجب عزيزي القارئ أن عرفت أن السجون الإسرائيلية لم تخل يومًا من حبس الأطفال الفلسطينيين، والتحقيق معهم كأنهم رجال أشداء، وأرجوك لا تتهمني بالهذيان ِإن قرأت أنهم يحاكمون في المحاكم العسكرية الصهيونية، مفتقدين لأبسط حقوقهم القانونية، والتي منها: الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، والحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على محامٍ، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق في المثول أمام قاضٍ، والحق في الاعتراض على التهمة والطعن فيها، والحق في الاتصال بالأهل، كما يحكم عليهم بالمؤبدات الأمنية، عفوًا يا صديقي فالمؤبد الأمني هو ابتداع صهيوني يساوي قرن من الزمان إلا عام واحد فقط، وحتى نوضح أكثر لابد من الإشارة أن المحكمة الصهيونية تصدر أحكامًا سنوية على الأطفال تزيد عن 500 حالة حكم، وتتعامل مع الأطفال الفلسطينيين وفق الآتي: أطفال قطاع غزة يتم اعتبارهم مقاتلين غير شرعيين، صدر هذا القانون عام 2000 عندما سحبت إسرائيل من جنوبلبنان، لتبقي على سجناء لبنانين وفق القانون الدولي، وتم إنفاذ هذا القانون على أسرى قطاع غزة على أثر انسحابها أحادي الجانب من قطاع غزة في سبتمبر أيلول2005 لتبقي على الأسرى من قطاع غزة، ومنذ ذلك الوقت أصبح معتقلو قطاع غزة أطفال كانوا أو رجال يتركوا في السجون دون أي حقوق قانونية وتمتنع مصلحة السجون والجيش أيضًا من إعطاء أي معلومات عنهم للمنظمات الحقوقية ومنها منظمة بيت سيليم. أطفال الضفة الفلسطينية، يتم التعامل معهم في المحاكم العسكرية ويحكم عليهم بأحكام خرافية، ولا بديل لهم عن الحبس وإنفاذ مدة الحكم. فمنهم من حكم عليه لمدة شهر فأكثر وتتراوح الأحكام لتصل إلي خمسة عشر عامًا وهناك من كان نصيبه المؤبد الأمني99 عامًا، أطفال القدس يفرض عليهم قانون ضم القدس فهم يحاكموا بالحبس أو يفرض عليهم الإقامة الجبرية في بيوتهم مع دفع كفالة مالية كبيرة جداً. تصدر من محكمتي "عوفر"، وسالم العسكريتين . تتراوح من 1000-6000 شيقل. وخلال العام الجاري بلغت الغرامات (270) ألف شيكل بما يوازى (72 ألف دولار) عزيزي القارئ أحدثك عن حقائق وليس عن أسطورة من خيال كاتب، أو تحليل يرجع لرأي شخصي، أنها حقائق صدرت عن دولة تدعي الديمقراطية بالإنجليزية، وتصدر أوامر اعتقال الأطفال والتحقيق معهم في أقبية الظلم والظلام، بالعبرية التي لا يجيدها إلا الصهيونية. لم ينجُ طفل من تعرضه لشكل أو أكثر من أشكال التنكيل، ومنها: الضرب المبرح وتوجيه الشتائم والألفاظ البذيئة بحقهم وتهديدهم وترهيبهم واستخدام الكلاب البوليسية المتوحشة. لا غرابة في هذا؛ فإنها إسرائيل بلد الديموقراطية كما تدعي والحريات الأربع، حرية القتل، قتل أطفال ونساء وشباب وشيبًا أينما شاءت وقتما شاءت حرية الاعتقال، للأحياء والأموات للأطفال والشيوخ حرية السرقة، سرقت التاريخ والتراث والأرض وما تحتها وعلاها حرية نقض المواثيق و العهود،، وهي كثيرة في هذا الخصوص ولا مجال لحصرها ولكن اتفاق أوسلو مثال حي عليها. ففي نظرة سريعة للأرقام فإن عدد الأطفال الذين تجرعوا معاناة الاعتقال وويلات التحقيق منذ حزيران 1967 بلغ عددهم 50 ألف طفل، منهم 17400 طفل معتقل خلال انتفاضة الأقصى 2000-2004 وخلال انتفاضة القدس منذ أكتوبر 2015 وحتى نهاية يوليو 2020، تم اعتقال ما يزيد عن 11 ألف فلسطيني من سكان القدس، من بينهم 3500 طفل، يضاف عليهم نحو (348) طفلًا فلسطينيًّا من مدن وقرى الضفة الفلسطينية ، منذ بداية كورونا في مارس الماضي بالرغم من تفشّي الفيروس داخل السجون وخارجها، كما شهد شهر أغسطس اعتقال (12) طفلًا فلسطينيًا، ولو رجعنا قليلًا إلى عام 2019 لوجدنا أن جيش الاحتلال قام باستدعاء واعتقال قاصرين بعمر الزهور للتحقيق مهم بلغ عددهم 880 طفلًا، في تجاوز لكل المعايير الأخلاقية والقانونية، منهم الطفل محمد ربيع عليان (أربع سنوات)، والطفل قيس فراس عبيد (ست سنوات) وهما من بلدة العيسوية بمدينة القدسالمحتلة، للتحقيق في تهمة إلقاء الحجارة على سيارات الشرطة، وكما تم التحقيق مع ثمانية أطفال خلال عام 2019، بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بجراح مختلفة بعضها خطرة، وتم نقلهم في ظروف صعبة، بل وصل الأمر للتحقيق معهم في المستشفيات وترك بعضم ينزف فترة طويلة قبل نقله للعلاج واليوم تحتجز قوات الاحتلال (140) طفلًا في ثلاثة سجون: عوفر ومجدو والدامون، في ظل ظروف قاسية وانعدام الإجراءات الوقائية من الفيروس، ويعاني الأطفال الفلسطينيون الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية من ظروف احتجاز قاسية وغير انسانية، تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى. من حيث الاكتظاظ، وانعدام النظافة، و نقص الطعام ورداءته، الإساءة اللفظية والضرب والعزل والتحرش الجنسي، والعقوبات الجماعية، وتفشي الأمراض. وبهذه التجربة الأليمة الصعبة يثبت الطفل الفلسطيني أمام السادية الصهيونية بأنه رجل من رجال فلسطين الذين يصعب كسرهم ، وأيقونة الصمود والتحدي بروح الرجولة المبكرة التي نضجت في مرحلة الطفولة البريئة.