لم يتمكن ابوجرة سلطاني ونائبه الأول عبد الرزاق مقري، من إخفاء حجم الانهيار التنظيمي الذي لحق بالحركة جراء فك الارتباط مع السلطة وقبلها مع التحالف الرئاسي، سيما بعد إعلان مجموعة من إطارات وكوادر الحركة يتقدمهم عمار غول -الوزير الأكثر شهرة- انشقاقهم كلية عن حمس، وهو ما جعل من التفكير في مخرج لانقاد الحركة الشغل الشاغل للمجلس الشورى الوطني، ولعل اقتراح أبوجرة تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة إحدى البدائل التي يراهن عليها أبوجرة لرفع الحرج والعودة إلى الحكومة. يبدو من خلال تصريحات لإطارات حركة مجتمع السلم بتسريبات صريحة ودقيقة، أن الغالبية في حمس تتحفظ على خيار التخندق في المعارضة وفك الارتباط مع السلطة بهذه البساطة، فرئيس مجلس الشورى الوطني عبد الرحمان سعيدي واحد من الأوزان الثقيلة الذي لا يكتم القول أن قرار الخروج إلى المعارضة ومقاطعة الحكومة المقبلة الذي اتخذ في دورة طارئة عقب الانتخابات التشريعية التي انهزمت فيها الحركة هزيمة نكراء "كان قرارا متسرعا"، وأكثر من ذلك يعتقد سعيدي في تصريحات إعلامية أن توقيت تلك الدورة في حد ذاته كان خطئا. غير أن سعيدي عبد الرحمان، الذي يلوم رئيس الحركة أبوجرة سلطاني على كيفية تسييره للحركة وتنفيذ خطها السياسي، يدرك جيدا إن إطارات الحركة لم تعد تقبل العودة إلى المربع الأول بعد 16 سنة من سياسة المشاركة التي رسمها ونظر لها الشيخ الراحل محفوظ نحناح، ويتفق هذا الطرح مع الأخبار التي تسربت من الجلسات المغلقة لاجتماع مجلس الشورى الوطني المنعقد بسطاوالي، والتي تقول أن عدم استقالة باقي وزراء حمس وإطارات أخرى مرده إلى وعد قطعه ابوجرة سلطاني على نفسه أمامهم وهو التراجع عن قرار المقاطعة لكن مع البحث عن مخرج يحفظ ماء وجه الحركة ومؤسساتها. وحسب مراقبين فان اقتراح ابوجرة سلطاني تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة للعديد من الأحزاب يمثل واحد من البدائل التي يراهن عليها الرجل لاستعادة سلطته في الحركة من جهة، والحفاظ على ما تبقى من وحدتها من جهة أخرى، في حال ما إذا استجابت السلطة إلى هذا الاقتراح الذي يدسه سلطاني بين حزمة من المطالب منها حل البرلمان، أو طرح التعديلات الدستورية المرتقبة على الاستفتاء الشعبي، وكذلك حكومة وحدة وطنية. والظاهر أن هذه المطالب التي تعكس حالة من التململ داخل صفوف الحركة، تبرز اضطرابا في الرؤية السياسية للقيادة تحت ضغط حسابات 2014، التي يعول عليها ابوجرة سلطاني لإحداث "طفرة" في مسار الحكم والسياسية في الجزائر حسب مقربيه، لكن أيضا من شانها أن تزيد من تعميق أزمة الحركة، بالنظر إلى كون المطالب المرفوعة من قبل رئيسها لن تجد لها أذانا صاغية لدى السلطة، فحل البرلمان يبدو حلما بعيد المنال، سيما بعد الترحيب الدولي والإقليمي بالنتائج التي أفرزتها انتخابات العاشر ماي، علاوة على ذلك فان الأجندة السياسية المنتظرة تجعل من حل البرلمان إجراء غير مؤسس، فالبلد مقبل على تعديلات دستورية هامة تعود لها تحديد طبيعة نظام الحكم وعمل وصلاحيات المؤسسات الجمهورية، زيادة على أن الانتخابات المحلية على الأبواب، في حين ستشرع السلطة في التحضير لرئاسيات 2014 ابتداء من العام المقبل، هذا الترابط في الأجندة السياسية يجعل من مطالب ابوجرة محاولة للتفاوض من أجل العودة إلى الحكومة المقبلة سواء تحت غطاء حكومة وحدة وطنية، أو تحت أي مسمى آخر، والهدف هو انقاد حمس من انهيار بات محتوما إن لم تعد إلى الحكومة.