11 سنة مرت عن فاجعة ضرب برجي التجارة العالمي في نيويورك وواشنطن، وكانت كافية لتقلب مفاهيم مكافحة الإرهاب، في وقت سعى فيه العالم لتوحيدها، والسبب هو تناطح المصالح الدولية بشأن ملفات أخرى، وتظهر عملية مكافحة الإرهاب الخلافات التي نشبت بينها وتعمقت بأزمة أمنية هي أزمة الساحل. سايرت مسيرة الجزائر في مكافحة الإرهاب مراحل متقلبة، وإن كان الظاهر يقر باعتراف الدول غربية بنجاح كبير في مكافحة الظاهرة، غير أن تداعيات أزمتي ا لساحل وانتشار الأسلحة الليبية، رهن عملية مكافحة الإرهابية، بمعطيات دولية، لحكومات تريد أن تفرض منطقها في الساحل الصحراوي. ومرت أمس الذكرى الحادية عشر لهجمات نيويورك وواشنطن، يوم 11 سبتمبر 2001، وكانت 11 سنة كافية لتنقلب المفاهيم الدولية حول الآفة رأسا على عقب، بينما أظهرت السنوات التي تلت الهجوم على برجي التجارة العالمي، تبوء الجزائر مكانة مرموقة في الحملة الدولية ضد الإرهاب بحكم التجربة المأساوية التي مرت بها على مدار أكثر من عشرية من الزمن. لم تكن هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولاياتالمتحدةالأمريكية إيذانا من ''القاعدة'' بنهاية عملياتها ضد محور ''الدول الصليبية''، لكنه كان بداية لتجسيد مخطط ''الجهاد العالمي''، وعلى مدار السنوات ال11 الماضية ترك أتباع بن لادن بصماتهم في أكثر من عاصمة أوربية وآسيوية وخليجية وفي شمال إفريقيا، ولم تشهد إسرائيل أي عملية منسوبة للتنظيم. وشكلت القاعدة خلال السنوات العشر الماضية، الملف الدولي الأكثر إثارة للجدل، تماما كالجدل الذي أثاره التنظيم نفسه باختيار يوم 11، تاريخا لشن هجمات إرهابية، باتت عديد الدول، التي ترى نفسها مستهدفة، على غرار الجزائر، تحتمل أي اعتداء سيرتكبه الإرهابيون في الجزائر، في يوم 11 من كل شهر، فقد ضرب قصر الحكومة والمحافظة الشرقية للشرطة القضائية بباب الزوار يوم 11 افريل 2007، وفجرت ثكنة عسكرية بالأخضرية يوم 11 جويلية من نفس السنة، وأربعة أشهر بعد ذلك، في 11 ديسمبر، تم تفجير مقر مفوضية هيئة الأممالمتحدة بحيدرة، ومقر المجلس الدستوري بالابيار. دوليا، وقبل ذلك بسنوات قليلة (11 مارس)، اهتزت مدينة الدارالبيضاء المغربية هذه السنة على وقع هجوم انتحاري، نفذته خلية الانتحاري عبد الفتاح الرايضي، الذي فجر نفسه بحزام ناسف داخل مقهى عمومي للانترنيت، بحي سيدي مومن. وهكذا بات الرقم 11 ذكرى "مقدسة" تكاد تكون شهرية، يحتفي بها الجماعات الإرهابية، على خلفية اعتداءات 11 سبتمبر بنيويوك وواشنطن. في الجزائر، تركيز الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل ينم عن رغبة "القاعدة الأم" التي يقودها الظواهري، بعد مقتل بن لادن، وبعد 11 سنة عن أحداث 11 سبتمبر 2001، عن محاولة لاستعادة عذرية التنظيم المفقودة باتخاذ صحراء الساحل ملاذا له. وقد شكلت الضربتان الأمنيتان اللتان لحقت بالقاعدة، في غضون ال25 يوما الماضية أهم إنجاز أمني ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الأولى باعتقال الضابط الشرعي للتنظيم أبوإسحاق السوفي في غرداية والثانية بعد مقتل نبيل أبوعلقمة في غاو بمالي أمس الأول. وباتت قاعدة بلاد المغرب الإسلامي أهم فرع يعول عليه الظواهري للضغط على الحكومات، إذ يرى مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، جيمس كلابر أن تنظيم القاعدة صار يعتمد على قاعدة بلاد المغرب الإسلامي، في شمال إفريقيا، بسبب ضعفها مركزيا، متوقعا في تقييم التهديدات الأمنية للولايات المتحدة أن تستمر فروع القاعدة، سواء تنظيم المغرب الإسلامي أو شبه الجزيرة العربية أو الشباب في الصومال في تبني إيديولوجية القاعدة الأم المتمركزة في باكستان، وأكد أن قدرات كل فرع من فروع التنظيم الإرهابي تختلف، لكنها تستجمع كلها ما لها من قوة بغرض استهداف المصالح الغربية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية.