في وقت يتجمع فيه أعضاء وفود من مختلف أنحاء العالم في نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، أحرقت الأعلام الأمريكية مرة أخرى في مناطق من العالم الإسلامي. ويتوقع إثارة مسألة الصدام بين حرية التعبير والتطاول على الأديان في الاجتماع. وتزايدت الدعوات لإجراء في الأممالمتحدة يجرم إهانة الإسلام والتطاول على الأديان بشكل عام. طالبت الجزائر والدول العربية والإسلامية الاتحاد السويسري دعم جهود تبذلها في الأممالمتحدة لتجريم التعدي والإساءة للرسل والأديان وحماية المشاعر الدينية بعد أن تكررت الإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم والإسلام دون رادع. جاء ذلك خلال اجتماع عقده صباح أمس سفير دولة الجزائر لدى الاتحاد السويسري بوزارة الخارجية السويسرية. وأبدى الجانب السويسري تفهما لوجهة النظر الدول العربية والإسلامية ومن بينها الجزائر، وأعرب بروكهارت عن استعداد حكومته لدراسة أي مقترح ترغب الدول العربية والإسلامية طرحه في هذا الخصوص على الجمعية العمومية للأمم المتحدة حتى يتم اتخاذ الإجراء المناسب. ونأت الحكومة الباكستانية بنفسها عن مبادرة وزير عرض مكافأة على من يقتل مخرج الفيلم المسيء للإسلام الذي أنتج في الولاياتالمتحدة والذي لا يزال يثير الاحتجاجات في العديد من دول العالم. ورفض المتحدث باسم رئيس الوزراء رجا برويز اشرف المكافأة وقيمتها 100 ألف دولار التي عرضها وزير السكك الحديد غلام احمد بيلور على من يقتل مخرج الفيلم. وقال اشرف أن ذلك "ليس من سياسة الحكومة، نحن ننأى بنفسنا بالكامل عن هذا الأمر". وأشاد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية بموقف إسلام أباد مدينا التصريحات "النارية" لبيلور. واحتج المسلمون في نيجيريا وإيران واليونان وتركيا لإظهار أن مشاعر الغضب ضد الغرب بسبب فيلم ورسوم مسيئة للإسلام لم تتبدد بعد. وردد طلاب إيرانيون هتافات "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" أمام السفارة الفرنسية في طهران احتجاجا على قرار مجلة شارلي ايبدو نشر رسوم ساخرة للنبي محمد بعد أيام من احتجاجات واسعة النطاق -أسفر بعضها عن سقوط قتلى- ضد فيلم أنتج في الولاياتالمتحدة. وأحرق مسلمون في بلدة كاتسينا النيجيرية أعلاما أمريكية وفرنسية وإسرائيلية ودعا زعيم ديني إلى استمرار الاحتجاجات حتى تتم معاقبة منتجي الفيلم وواضعي الرسوم الساخرة. وفي أثينا ألقى بعض المتظاهرين قنينات فارغة على الشرطة التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وعاد الهدوء عندما توقف المتظاهرون عن الاحتجاج لآداء الصلاة. وكانت الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم صغيرة وهادئة نسبيا، لكن السفارات الغربية ظلت في حالة تأهب بعد قتل السفير الأمريكي لدى ليبيا وثلاثة أمريكيين آخرين في احتجاج يوم 11 سبتمبر. ووضع تفجر الغضب الإسلامي -قبل أسابيع فقط من الانتخابات الأمريكية- الرئيس باراك أوباما في مواجهة انتكاسة لجهوده الرامية لمنع ثورات "الربيع العربي" من تأجيج موجة جديدة من العداء لأمريكا. وفي تركيا حليفة الولاياتالمتحدة التي ينظر إليها جسر بين العالم الإسلامي والغرب، أحرق المتظاهرون الأعلام الأمريكية والإسرائيلية الاحد. وردد نحو 200 متظاهر "لتقطع الأيدي التي تمس (النبي) محمدا" قبل أن يتفرقوا بسلام. وقال رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان لأعضاء حزبه "نحن لا نسمح بالتأكيد بالاحتجاجات غير المنضبطة لكننا لن نبتسم فحسب ونتحمل الأمر عندما يتم التطاول على نبي الإسلام". "يجب أن تكون الاحتجاجات في العالم الإسلامي محسوبة ويتعين على الغرب أن يظهر موقفا صارما ضد عقدة الخوف من الإسلام". وخرجت تظاهرات جديدة في أنحاء باكستان لإدانة الفيلم بعد أن أدت تظاهرات عنيفة عمت البلاد الجمعة إلى مقتل 21 شخصا عندما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي للتصدي للمتظاهرين الذين هاجموا المتاجر ودور السينما وحاولوا الوصول الى السفارات الغربية. واجتاحت تظاهرات جديدة هونغ كونغ وتركيا واليونان والسعودية وايران وبنغلاديش. واشتبك نحو ثلاثة آلاف متظاهر في هونغ كونغ مع الشرطة لفترة وجيزة أثناء محاولتهم تسليم رسالة إلى القنصلية الاميركية. وفي السعودية، سارت تظاهرة في إحدى بلدات محافظة القطيف شرقا مساء السبت استنكارا للفيلم المسيء للإسلام بمشاركة رجال دين ونساء وأطفال، بحسب ما ذكرت مصادر حقوقية وشهود عيان الأحد. وهتف مئات شاركوا في مسيرة اخترقت الشارع الرئيسي في بلدة العوامية "لبيك يا رسول الله" وحملوا لافتات كتب عليها الشعار ذاته، وفقا للمصادر. وفي بنغلادش، أغلقت معظم المدارس والمتاجر والمكاتب أبوابها بعد أن فرضت أحزاب المعارضة إضرابا في جميع أنحاء البلاد احتجاجا على الفيلم المسيء للإسلام. وأعلنت مجموعة "أنصار بيت المقدس" مسؤوليتها عن الهجوم في بيان وفقا لمركز "سايت" الأمريكي المتخصص بمراقبة المواقع الالكترونية الإسلامية وأشارت الى إنها قامت ب"عملية انتقامية ضد الذين تجرأوا على النبي" في إشارة إلى فيلم "براءة المسلمين" الذي أنتج في الولاياتالمتحدة مؤكدة وجود مشاركة ل"اليهود" في هذا الفيلم. من ناحيته، بدا وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفليي متحفظا في مقابلة حول نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد في مجلة ساخرة فرنسية وأكد ان الحرية تعني أيضا المسؤولية. وقال فيسترفيلي لصحيفة "فيلت ام تسونتاغ"، "أحيانا المسألة لا تقتصر على ما إذا كان يحق لنا القيام بعمل ما بل ما إذا كان علينا القيام به". وأضاف "تعلمت من تجربتي في الحياة أن الحرية تعني دائما المسؤولية". ويعتقد أن مخرج الفيلم هو القبطي نقولا باسيلي نقولا (55 سنة) المقيم في سيريتوس قرب لوس انجليس، وهو مختبئ بسبب تهديدات بالقتل. وقالت وسائل الأعلام الأمريكية إن نقولا كتب الفيلم وأنتجه تحت اسم مستعار هو سام باسيلي. وحققت الشرطة معه قبل ان يختبئ هو وعائلته. وقتل أكثر من 50 شخصا في احتجاجات وهجمات عمت العالم بسبب الفيلم الذي يسخر من الإسلام والنبي محمد (ص) منذ 11 سبتمبر.