الصحفية حيزية تلمسي في ذمة الله عن عمر42 سنة    انطلاق اختبارات الفصل الثاني للتلاميذ في هدوء تام    وكالة عدل ستطلق منصة رقمية لتحديث بيانات المكتتبين    انطلاق "رمضان في القصر"التجارية يوم غد    دعوة المستفيدين من منحة المعاش إلى تجديد وثائقهم الثبوتية    خنشلة : الشرطة تحسس سواق المركبات    رأي في الإصلاح التربوي.!؟    غوتيريش يدعو إلى تجنب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    وزير التربية يشارك عبر تقنية التحاضر المرئي في اللقاء    ماذا يريد وزير داخلية فرنسا من الجزائر؟    ناسدا تنظم معارض خلال رمضان    بوغالي يلتقي رئيس برلمان الميركوسور    التهديد بعودة الحرب بهدف تنفيذ التهجير    وجبات مجانية لخمسة ملايين تلميذ جزائري    وزارة الشؤون الدينية تطلق خدمة الفتوى    تدابير إضافية لمضاعفة الصادرات خارج المحروقات    تبادل الخبرات في مجال السياسات الاقتصادية    الولايات المتحدة الأمريكية : ترامب يتباهى بتراجع تدفق المهاجرين لأدنى مستوى بتاريخ بلاده    روتايو.. الحقد على الجزائر عنوان حساباته السياسية    معسكر..فتح 16 سوقا جواريا خاصا بشهر رمضان المعظم    تزمنا مع الشهر الفضيل..برنامج رمضاني ثري عبر ولايات الوطن    سهرات الأوبرا الرمضانية : بلاتوفني راقي تصنعه نخبة من الأصوات المتميزة    أوغندا : تسجل ثاني وفاة بفيروس "إيبولا"    إثراء المحتوى الاقتصادي للشراكة الاستراتيجية الشاملة    دعوة الحركة التضامنية إلى مرافقة الشعب الصحراوي في نضاله العادل    شهر الفرح والتكافل والعبادة    المجمّع الجزائري للنقل البحري يرفع رأسماله    تصنيع قطع الغيار.. الجزائر رائدة خلال 4 سنوات    السياسة العقابية الوطنية مبنية على التعليم والتشغيل    الطلبة يحسّسون بأخطار المخدرات    شوربة "المقطّفة" و"القطايف" لاستقبال الضيف الكريم    تراجع مقلق لمستوى حاج موسى قبل قمّتي بوتسوانا والموزمبيق    غربال وقاموح في تربص تحكيمي في كوت ديفوار    "بشطارزي" يفتح أبوابه لعروض متميزة    عبد الباسط بن خليفة سعيد بمشاركته في "معاوية"    عسلي وحدوش في "الرباعة"    صلاة التراويح    قندوسي جاهز لتعويض زروقي في المنتخب الوطني    مرصد دولي يدين بشدة القيود المفروضة من قبل المغرب على المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة    رئاسة الجمهورية تعزي عائلة "هدى نذير"    سُنّة تخلى عنها الشباب رغم بركتها ومزاياها الكبيرة    الإعلان عن فتح باب الترشح لجائزة رئيس الجمهورية للغة العربية    فيلم فانون يفوز بجائزة أسبوع النقد    بلمهدي يقدم واجب العزاء    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    شهادة دولية لبنك الإسكان    ذهب الظمأ وابتلت العروق    كيف تحارب المعصية بالصيام؟    شنقريحة يحثّ على اليقظة ومضاعفة الجهود    بحث سبل تعزيز ولوج الأسواق الإفريقية    شهر رمضان.. وهذه فضائله ومزاياه (*)    تنس/الدورة الدولية ال2 للأواسط J30 الجزائر: تتويج الجزائرية بن عمار باللقب    صناعة صيدلانية: بحث سبل تعزيز ولوج المنتجين الجزائريين للأسواق الافريقية    الجمعية العامة الانتخابية للاتحادية الجزائرية لكرة اليد: فترة ايداع ملفات الترشح من 1 الى 3 مارس    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    عهدة جديدة لحمّاد    التوقيع على ملحق اتفاقية حول إدراج الأعمال التدخّلية    الجزائر تحتل مكانة استراتيجية في صناعة الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسانية تفشل في غزّة
نشر في الحياة العربية يوم 10 - 12 - 2023


د. باسم نعيم** عضو المكتب السياسي لحركة حماس
مضى أكثر من 60 يومًا على العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة، وما زالَ العدوّ مصرًّا على تحقيق أهدافه التي أعلنها منذ اليوم الأول، وهي: تحطيم حركة حماس، واسترجاع الرهائن الموجودين في قطاع غزة، وطرد سكان القطاع إلى سيناء.
بعد 60 يومًا من العدوان، لم يقدم نتنياهو وحكومته العنصرية أيَّ دليل على تحقيق أيٍّ من الأهداف الثلاثة. فحتى اللحظة ما زلنا نرى مشاهدَ مصوّرة للأداء البطولي للمقاومة، ونقرأ بشكل يومي عن الخسائر التي توقعها المقاومة في العدوّ، بين تدمير مركبات بالمئات، وإسقاط المئات من الجنود بين قتيل وجريح، ومن "المسافة صفر".
ليس هذا فحسب، بل ترافق ذلك مع المشهد المهيب، شكلًا ومضمونًا، لعناصر كتائب القسام أثناء تسليم الرهائن للصليب الأحمر الدولي، حيث شارك عشرات العناصر، بكل هدوء ورباطة جأش، وبسيارات الدفع الرباعي وسط حشد جماهيري مهيب يهتف للمقاومة، وفي وسط مدينة غزة، حيث دارت أعتى المعارك، وادّعى العدو أنه دمّرها وقضى على قدرات حماس فيها.
وليس هذا فحسب، بل قدم هؤلاء المقاتلون نموذجًا استثنائيًا، سمعنا وقرأنا عنه في كتب التاريخ، في التعامل مع أسراهم. إنها قيم الرجال النبلاء، الذين يقفون على أرض حضارة عظيمة علّمت البشرية قيم التسامح والتعايش قبل مئات السنين، رغم أن بعضهم قد يكون فقد أسرته وأحبابه على يد الصهاينة في هذا العدوان.
أما الهدف الثاني، باسترجاع الأسرى، فقد فشل نتنياهو وجيشه في استنقاذ أي منهم بالقوة، ولم يُطلق سراح أي من الرهائن إلا حسب شروط المقاومة.
الهدف الثالث، الذي أعلنته حكومة العدو؛ وهو تهجير سكان القطاع إلى سيناء في مصر؛ تنفيذًا لخطط قديمة أعدّتها الحكومة الصهيونية المتطرفة، في إطار حسم الصراع بشكل نهائي لصالحهم، فقد فوجئ العدو بإرادة فولاذية للفلسطينيين في الصمود والثبات، والتمسك ببيوتهم، وعدم تَكرار مشهد النكبة مرّة أخرى مهما كلّفهم ذلك.
نجح العدوّ جزئيًا في دفع آلافٍ من الفلسطينيين للنزوح من الشمال إلى الجنوب، لكنه؛ قطعًا، فشل في تمرير مخططه بتهجير الفلسطينيين إلى خارج فلسطين.
ماذا حقق نتنياهو ومجلس حربه حتى الآن؟ لقد قُتل وجُرح عشرات الآلاف، معظمهم من النساء والأطفال، ودُمرت مئات الآلاف من المنازل، ودُمرت المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، ودُمرت البنية التحتية، وكل سبب لاستمرار الحياة في القطاع. كل ما سبق ليس إلّا جرائمَ حرب وجرائمَ ضد الإنسانية، وتطهيرًا عرقيًا، تنطبق عليها كل شروط الإبادة الجماعية.
لن يحقّق نتنياهو أيًّا من أهدافه المعلنة، وسيرجع إلى مقرّ "الكرياه" يجرّ أذيال الهزيمة والخزي والعار، والأهم أنه لن يفلتَ ومجلس حربه من العقاب. المعركة انتهت في اليوم الأول الذي بدأت فيه، 7 أكتوبر المجيد، وحقق شعبنا الفلسطيني انتصارًا إستراتيجيًا على طريق التحرير، رغم كل الأثمان العالية التي دفعناها، وسندفعها على هذه الطّريق.
لكن أحد أهمّ مخرجات هذه المعركة المجيدة في تاريخنا، أن أكبر المهزومين فيها هي البشرية جمعاء، إذ فشلت حتى اللحظة أن توقف العدوان، وأن تمنع الكارثة الإنسانية المحققة؛ نتيجة الاستهداف المباشر للبنية التحتية، والنظام الصحي، إضافة إلى حرب التجويع التي يفرضها العدو على شعبنا لأكثر من 60 يومًا.
فمنذ أكثر من 60 يومًا فرض نتنياهو حصارًا مطبقًا على 2.3 مليون إنسان في قطاع غزة، فحرمهم الغذاء والماء والدواء والكهرباء والوقود والاتصالات.
لقد حذَّرت كل المؤسسات الدولية المعنية من خطورة استمرار هذا الحصار المطبق، وتداعيات ذلك ليس على البشر فقط، ولكن صرح الكثير من المسؤولين الأمميين- وآخرهم السيدة لين هاستينغز رئيسة أوتشا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك رئيس منظمة الصحة العالمية ... – عن الكارثة الصحية والبيئية التي تحدث في غزة، سواء بسبب انهيار النظام الصحي أو تدمير البنية التحتية، أو وجود آلاف الجثث تحت الأنقاض.
للأسف الشديد، فقد فشلت البشرية جمعاء في مواجهة الصلف الصهيوني والتواطؤ الأميركي، وإجبارهم على رفع الحصار عن غزة. فشلت البشرية ليس في إيقاف جريمة الإبادة الجماعية التي تجري على الهواء أمام أعين الملايين من البشر فحسب، ولكنها فشلت في إدخال شربة ماء، أو كوب حليب للأطفال في غزة.
رغم كل الضغط الدولي الشديد طوال 60 يومًا كان معدل ما دخل من شاحنات المساعدات 25 شاحنة يوميًا (لشمال قطاع غزة؛ بمعدل شاحنتين يوميًا)، رغم أن احتياج قطاع غزة اليومي حوالي 500-600 شاحنة يوميًا في أوقات السلم.
آلاف الشاحنات من المساعدات الإنسانية تنتظر على معبر رفح، وعشرات الآلاف في الطريق إليه من جميع أنحاء العالم، لكن العدو الصهيوني استطاع أن يفرض شروطه لإدخال المساعدات على الجميع.

عار يلاحق البشرية
سيبقى هذا العجز عارًا يلاحق البشرية لعقود، لا أعرف كيف ستطلب المؤسسات الدولية أو الدول من أي دولة في حال اندلاع صراع أو حرب بعد اليوم احترامَ القانون الإنساني الدولي، والالتزام بمعاييره، خاصة إذا أفلت المجرمون من العقاب.
لعله ما زالت هناك فرصة ضئيلة أمامنا جميعًا للعمل من أجل رفع الحصار فورًا، وإنقاذ حياة ملايين من البشر، معظمهم من النساء والأطفال، لعلنا نمحو هذا العار الذي سيلاحق البشرية لأجيال.
يجب أن يتحرك المجتمع الدولي فورًا، وقبل فوات الأوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.