وصفت بأنّها ملاك الرحمة .. غنّى عنها عديد الفنانين .. جعلت بطلة في أفلام عديدة وخلقت لنفسها مكانة لا يمكن الاستغناء عنها، إنّها الممرّضة، صاحبة اللباس الأبيض الجميل، واحدة من الطاقم الصحي، تهتم بالعناية بالأفراد والعائلات والجماعات البشرية، وقد تطوّرت مهنة التمريض في العصر الحديث لتصل إلى مرحلة أكثر تقدماً في سبيل تقديم أفضل سبل الرعاية الصحية للمرضى سواء داخل المستشفيات أو خارجها. وتسعى المؤسسات الصحية بمختلف قطاعاتها في أنحاء العالم على تكثيف الاهتمام بالدور التمريضي والذي يعدّ دوراً هاماً في عملية اكتمال العناية والرّعاية الصحية المقدّمة للمرضى والمحتاجين لها، ويعدّ 12 من الشهر الجاري يوما عالميا للتمريض وبهذه المناسبة أرادت الحياة العربية أن تقف على هذه المناسبة وتستشهد بعضا من أهلها. أسماء زبار انتقلت الحياة العربية إلى المؤسسة الإستشفائية المتخصصة، العيادة المركزية للمحروقين، قصدنا غرفة الممرضات ووجدنا بداخلها ممرضتين رفضتا ذكر اسميهما كاملا واكتفتا بالترميز لهما، ويتعلّق الأمر بكلّ من( ف.ب) 5 سنوات خبرة و(س.ب) 11 سنة خبرة. .. الممرضة هي القائمة على العلاقة بين الطبيب والمريض اتفقت كلّ من (ف.ب) و(س.ب) على أنّ الممرّضة هي الصلة التي تربط المريض والطبيب، فهي القائمة على العلاقة بينهما، فالطبيب يأتي لفحص المريض ووصف الأدوية له بينما الممرّضة هي من تكون معه طوال النهار والليل، لإعطائه الدّواء في الأوقات التي يوصي بها الطبيب وكذا الاطمئنان على حالة المريض من خلال فحصه وقيس ضغطه وغير ذلك، وعلاقة الممرّضة بالمريض لا تقتصر في إعطاء الدّواء فقط بل هي المراقبة اليومية الدائمة لصحة المريض. .. الممرّض لا يستغلّ المريض كفأر تجارب بل يطبّق تعليمات الطبيب فقط وعن سؤالنا عن رأيهما في نظرة العديد من المرضى إلى الممرضين على أنّهم مبتدؤون ويعتبرونهم فئران تجارب يتعلّمون فيهم، قالتا أنّ هذه النظرة غير صحيحة تماما لكنها مع الأسف موجودة عند العديد من الناس، نقول أنّ الطبيب هو من يفحص ويشخّص المرض، وهو من يصف الدواء للمريض، فعملنا هو تطبيق العلاج ومراقبة الوضع الصحي للمرضى واستدعاء الطبيب عند الحاجة، لكن فكرة أنّ الممرّض يتعلّم في المريض غير صحيحة، فهو يطبق تعليمات الطبيب فقط. .. المستشفيات تحتاج إلى أشخاص مناسبين لتسيير أمورها وتنظيمها أمّا عن حال قطاع الصحة ووضعية المستشفيات في الجزائر، ردّتا أنّ المستشفيات تعاني من مشاكل عديدة أبرزها نقص الأدوية ووسائل العلاج التي نحتاجها، إضافة إلى نقص الممرّضين والضغط الكبير الذي تواجهه هذه الفئة رغم أهميتها ودورها الكبير في المجال الصحي، فتجد أربعة أطباء و ممرضتين وكلّ طبيب يرسل العديد من المرضى لتلقي العلاج عند الممرضة. كما أنّ المستشفيات تعاني من سوء التنظيم والتسيير حيث في العديد من المرات يحضرون لنا أدوية بينما نحن نكون في حاجة إلى أدوية أخرى، فالمستشفيات تحتاج إلى أشخاص مناسبين لتسيير الأمور وتنظيمها لتفادي الوقوع في المشاكل خاصة وأنّ القطاع الصحي حسّاس جدا، ويحتاج إلى جهود كبيرة لتسييره. .. المرضى وأولياؤهم ونقص الوسائل مشاكل يومية تؤرّق عملنا أمّا عن المشاكل التي يعاني منها الممرّضون بصفة عامة، فقالتا "نحن الممرّضون نعاني من مشاكل عديدة، من جهة مع المرضى، لكن هاته الأخيرة نستطيع غض النظر عنها بحكم أنّهم مرضى يجب معالجتهم أوّلا وقبل كلّ شيء، ومن جهة أخرى مع أولياء المرضى، خاصة آباء الأطفال الذين يحشرون أنفسهم ويتدخلون في العلاج وطريقته وهم لا يعرفون شيء عنه. إضافة إلى مشكل آخر و يتمثل في نقص وسائل العلاج والأدوية التي نحتاجها، فكثيرا ما نقع في حالات حرجة عندما تنقص الوسائل ففي حالة غياب القاطع نضطر إلى القطع بأيدينا. وهناك مشكل رئيسي هو نقص وسائل الحماية بالنسبة للممرّضين، خاصة وأن هذا القطاع معرّض لخطر العدوى وبصفة دائمة، فلا توجد حماية خاصة، وغياب منحة العدوى والخطر التي كانت موجودة في السبعينات، وهذا هو السبب الرئيسي للإضراب الأخير. .. مهنتنا خطيرة والممرض معرّض لخطر العدوى نحن مع هاته الاحتجاجات، ولنكون أكثر صراحة فالشبه الطبي قطاع "محقور" سواء من حيث غياب منحة العدوى والخطر ومن حيث التربصات والتكوينات في المجال الصحي التي يستفيد منها الأطباء بالرغم من أننا المحتاجين الأكبر لها، هذه المهنة خطيرة جدا والممرّض معرّض للعدوى في أي لحظة فأثناء معالجته للمريض لا يعرف من أي مرض يعانيه فربما هو مصاب بالسيدا أو غير ذلك من الأمراض المعدية والتي تنتقل بسرعة. يوم عالمي يمرّ في صمت سألناهما عن اليوم العالمي للتمريض هل تعلمان به وهل يقام احتفال أو تقدّم هدايا رمزية للمرضين في هذا اليوم، فأجابتا "نعم نحن نعلم باليوم العالمي للتمريض لكنه يمرّ في صمت فهو كأيّ يوم عادي نعمل فيه كسائر الأيام، لا نلقى أي تقدير أو شكر بمناسبته رغم أنه يوم عالمي". رفيدة بنت كعب الأسلمية أول ممرّضة في التاريخ وفي عهد الإسلام رفيدة بنت كعب الاسلمية أول ممرّضة في التاريخ وفي عهد الإسلام. حينما كانت تمرض المصابين والجرحى في الحروب التي يكون المسلمون طرفاً بها. وقد كان لرفيدة خيمة لمداواة الجرحى، ولما أصيب سعد بن معاذ بسهم في معركة الخندق قال النبي أجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده، وتقديراً من النبي لجهودها في غزوة خيبر في مداواة الجرحى وخدمة المسلمين فقد أسهم لها بسهم رجل مقاتل. وفي الحقيقة كان هناك عدد كبير من الصحابيات برزت أسمائهن في كتب السير والتراجم كأول جيل قام بتأسيس هذه المهنة الجليلة أيضاً, منهن : أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق زوجة رسول الله. كما برز اسم الربيع بنت معوذ التي تطوعت بسقاية الجيش، ومداواة الجرحى ورد القتلى إلى المدينة وأيضاً ممنة بنت جحش التي تطوعت في معركة أحد فكانت تسقى العطش. تداوي الجرحى، واسم أم سنان الأسلمية التي حدثت عن تطوعها في غزوة خيبر فقالت: ما أراد رسول الله الخروج إلى خيبر جئته فقلت : يا رسول الله أخرج معك في وجهك هذا ؟ أفرز السقاء، وأداوي المريض والجريح، إن كانت جراح، ولا تكون، وأبعد الرحل، فقال رسول الله إخرجي على بركة الله، فإن لك صواحب قد كلمتني وأذنت لهن من قومك ومن غيرهم، فإن شئت فمع قومك، وإن شئت فمعنا، ومعك، قال : فكوني مع أم سلمة زوجتي، قالت فكنت معها. أوّل من تحصّلت على دبلوم قابلة باية الكحلة نموذج المرأة الممرّضة خلال ثورة التحرير الجزائرية لعربي تومية المدعوة باية الكحلة، من مواليد عام 1936م بالجزائر العاصمة، من عائلة جزائرية، تعود أصولها إلى مدينة بسكرة أتى والدها إلى العاصمة واستقر بها وهو في سن الرابعة عشر، امتهن عدة مهن،آخرها عمله كبواب في قصر الحكومة، هذا ما مكنه من تحسين وضعية عائلته الاجتماعية والاقتصادية.نشأت في وسط عائلة كبيرة متكونة من تسعة أفراد، أربعة (04) أولاد و خمس(05) بنات تأتي باية الثانية بعد الابن البكر. بدأت تعليمها الابتدائي في المدارس الفرنسية في حيّها، فكان والدها حريصا على تعليمهم تعليما جيدا حتى ينالوا أرقى الوظائف مستقبلا، نالت تعليمها في المدرسة الفرنسية وتعلمت أيضا لغتها العربية و حفظت جزءا من القرآن الكريم وهذا بفضل والدها وفي ذلك تقول باية. بعد حصولها على شهادة التعليم المتوسط، شاركت في مسابقة دخول مدرسة الشبه الطبي للصليب الأحمر بمدينة الجزائر وحسب ما أدلت به باية في شهادتها أن عدد المتقدمين من الجزائريين للمسابقة بلغ ثمانية، تم قبول 3 منهن باية ومسعودة باج، وأخرى لم تتذكر اسمها، في حين بلغ عدد الفرنسيات أربعين (4). - ظروف التحاقها بالثورة عند اندلاع الثورة كانت باية لا تزال في مدرسة التكوين شبه الطبي للصليب الأحمر، التحقت المجاهدة بصفوف الثورة في مارس 1956، حيث انخرطت في خلية القصبة ويعود الفضل في انخراطها إلى جارها المدعو دزيري عبد الكريم زوج أخت علي خوجة وهو مناضل قديم في حزب الشعب الجزائري، إضافة إلى مناضل آخر كان يعمل معهم بأعالي القصبة. وخلال هذه المرحلة كلفت باية بعدة مهام من أهمها : -تهريب الأدوية وبعض المستلزمات الطبية من مكان عملها . -توزيع المناشير بين المناضلين و الخلايا . -نقل الأسلحة الخفيفة والقنابل من مكان إلى آخر. -و كانت باية تحضر الاجتماعات التي تعقد بين أعضاء الخلية في احد الدور قرب جامع كتشاوة بالقصبة للنظر في أمور التنظيم وتوزيع المهام بين أعضاء الخلية. وبعد اكتشاف أمر هذه الخلية جراء إلقاء القبض على أحد أعضائها، أصبحت باية محل بحث من قبل السلطات الفرنسية فالتحقت بمراكز جيش التحرير بالمنطقة الأولى من الولاية الرابعة عن طريق الدزيري عبد الكريم الذي سهللها عملية الهروب بواسطة سيارة من نوع 403 باشي متسترة بحايك وكانت برفقتها زوجته . إلتحقت باية بدوار"تامقانيت" كما كان مخططا له بينما استأنف عبد الكريم وزوجته طريقهما نحو باليسترو ولكن تم إلقاء القبض عليهما بعد اكتشاف أمرهما واستشهدا تحت التعذيب من طرف جنود الجنرال " سارفو Servant " في نفس اليوم. – المهام التي باشرتها في الجبال التحقت باية بكوموندو علي خوجة و قدمت كأول ممرضة في المنطقة ،أعطي لها بزة عسكرية و مسدس بعد أن تدربت على استعماله .باشرت مهمتها في معالجة الجرحى من المجاهدين وسكان المداشر المدنيين، كما عملت أيضا كقابلة ومدرسة و مرشدة و عن دور المرشدة تقول باية:".. تقوم المرشدة بإعطاء بعض الدروس و حث الناس على التعليم و خاصة تعليم الأطفال من أجل القضاء على الأمية التي كانت متفشية بينهم و بنسبة كبيرة و خاصة في وسط الأطفال الذين لم يدخلوا المدارس إطلاقا بسبب نقص المدارس العربية وتعسف الإدارة الفرنسية ومحاولتها القضاء على اللغة العربية واستبدالها بالفرنسية. ومع نهاية 1956 أصبحت باية مسؤولة عن مصحة بالمنطقة الأولى.وكانت مساعدتها الرئيسية آنذاك الممرضة "حورية بن لمو". ظروف اعتقالها غادرت باية الكحلة الجبال بعد صدور أمر العقيد سي أمحمد بوقرة قائد الولاية الرابعة القاضي بتحويل المجاهدات نحو تونس والمغرب لمواصلة تكوينهن، ورغم أن الأمر استثناها رفقة عدد قليل منهن، إلا أنها فضلت الخروج مع بقية الممرضات اللواتي أعطاهن سي أمحمد بوقرة أمرا بالتوجه إلى تونس لإكمال دراستهن أين انتهت هذه التجربة بالقبض عليها، ضربت عذّبت ونقلت من مكان إلى آخر، شهدت أقسى أنواع الظلم لكنّها لم تنطق بشيء. وبعد إطلاق سراحها، التحقت بباريس في إطار رحلة نظمتها الكشافة فاغتنمت باية الفرصة حيث أقامت عند الأخوات البيض وأثناء إقامتها عملت كممرضة مساعدة للأخوات. ومن هناك استطاعت ربط اتصال مع بعض الطلبة المنضويين تحت لواء جبهة التحرير الوطني، وطلبت من هؤلاء مساعدتها على العودة إلى الجبال أو نقلها إلى تونس، فأحضروا لها بطاقة مزوّرة ثم انتقلت إلى فرانكفورت بألمانيا ومن هناك حولت على تونس في سنة 1959، وبعد فترة منحتها جبهة التحرير الوطني منحة لمواصلة دراستها في سويسرا واختارت تخصص قابلة. وكانت أوّل من تحصل على دبلوم قابلة، توّلت مهامها في مستشفى البليدة، مباشرة بعد الاستقلال.