الاحتجاجات التي يعرفها البلد من قبل فئات عدة، سواء فئات قطاعية او اجتماعية، سواء كانت مطالبها مهنية او ذات طابع اجتماعي محض متعلق بالسكن والشغل، ان دلت على شئ فإنما تدل على ان المشاكل المتراكمة قد وصلت الى حد الانفجار، ومعنى هذا ان الحلول التي اتخذت او السياسيات التي انتهجت لم تؤت اكلها بل ادت الى تصعيد ما… فأين الخلل؟. في الواقع لا يمكن اعتبار الغليان الذي تشهده عدة قطاعات مهنية، وفئات اجتماعية واسعة مؤشر صحي، بل هي نتيجة انسداد في قنوات الاتصال بعد ان عجزت السياسات المنتهجة في ايجاد الحلول الكفيلة للمشاكل المتراكمة، ويعود وجه القصور هنا الى اعتماد كل الحكومات المتعاقبة على سياسة الحلول الظرفية التي لم تصمد طويلا امام نفاذ صبر المواطنين خاصة في ظل تغول ازمتي السكن والبطالة، فضلا على انهيار القدرة الشرائية وضغوط العمل التي لم تعد قادرة على الصمود امام غلاء الاسعار وتكاليف الحياة المتعددة. السياسة الاجتماعية التي انتهجتها الحكومة كلفت الخزينة الكثير والكثير، لكن اثارها على الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للناس ظل محدودا بل يتقلص يوما بعد يوم جراء غياب خلق الثروة واعتماد الاقتصاد على الريع البترولي… ومعنى هذا الكلام في سياقاته السياسية ان البلد بحاجة الى تغيير جذري في سياسته الاجتماعية والاقتصادية وإعادة ترتيب الاولويات.