بات واضحا الآن أن الحلول الترقيعية للحكومات المتعاقبة لم تنتج في نهاية المطاف إلا بركانا من الغضب الاجتماعي، فالأرقام الفلكية التي تتفنن الحكومة ووزرائها في التلاعب بها أمام عدسات الكاميرا في الملتقيات، حول نسبة النمو، والتضخم، والبطالة، والتشغيل والسكن، سرعان ما انقلبت كالسحر على الساحر، بعد أن اسقط بطالو الجنوب آخر ورقة التوت التي كانت تكسو عورات الحكومة، ولان الشباب في الجنوب وفي كل مناطق الوطن يصرخ قائلا: نريد عملا، عملا دائما ومستقرا، فإننا نتساءل أين هي الملايين التي تم تشغيلها وتوظيفها في إطار البرنامج المعتمد منذ 1999؟. الوضع الحالي المتعفن اجتماعيا والجامد سياسيا والراكض اقتصاديا، يدفعنا أيضا لفتح ملف وكالات دعم وتشغيل الشباب بكل أصنافها، من استفاد من قروض الاونساج؟ كم عددهم ومن هم أصلا؟ وحتى القروض الحسنة التي يوزعها غلام الله وزير الشؤون الدينية لم ولن تكون شفافة، فلمن يمنح غلام الله هذه القروض، ومن هم المستفيدون منها، وأين يتم إيداع طلبات الاستفادة منها؟ في المحصلة العملية غير شفافة ولا هي نزيهة بالمعايير المتعارف عليها. الكلام ذاته ينسحب على السكن وأرقامه السحرية، وأيضا حول نسب النمو والتضخم وغيرها من المواضيع التي ظلت محل تلاعب الحكومة سواء من خلال التحايل أو التسويق لما يخاف الواقع المعاش. عودة الاحتجاجات إلى قطاعي التربية والصحة وقطاعات أخرى، يعني أيضا أن الاختلالات التي ليست في السياسات فحسب بل أيضا في القطاعات وبنيتها الهيكلية، وإلا كيف نفسر عودة الاحتجاجات إلى التربية والصحة رغم إقرار القوانين العضوية ودفع تعويضات بأثر رجعي؟ لابد أن هناك غش ما أو تحايل ما في مسار هذه القطاعات، والمتسبب فيه طبعا الحكومة آو الحكومات المتعاقبة. الحكومة اليوم أمام بركان اجتماعي نشط، لايمكن إخماده بأموال البترول ولا بالحلول الترقعية، الظرفية، أو الاستثنائية، ولهذا من الضروري أن تعترف الحكومة بفشلها وتعلن توبتها..لإطلاق عملية تصالح وبناء.