* محامون: "قانون الإجراءات الجزائية صارم في ملفات اختلاس المال العام" * مهدية أريور "حاميها حراميها" هذا المثل ينطبق تماما على مسؤولين وإطارات ببنوك استغلوا مناصبهم وخانوا الأمانة التي وضعت بين أيديهم ليستولوا على أموالا وصلت حد الملايير، بسبب الطمع الذي أعمى أعينهم، لكن جرائمهم تفضح وتطرح أمام أروقة المحاكم فيجدوا أنفسهم متابعين بتهم ثقيلة تكلفهم حريتهم ومناصبهم السامية . من خلال هذه الجرائم المرتكبة والتي ألحقت فسادا مس الاقتصاد الوطني ارتأت الحياة العربية كشف القليل من الكثير لقضايا امتثل فيها إطارات من مختلف البنوك أمام محاكم العاصمة، أين يواجهون صرامة القانون الجزائري الذي تصل عقوباته إلى 10 سنوات سجنا نافذا لكل مخالف للقانون ويقترف فعل مجرم معاقب عليه، خاصة أن العمل في البنوك قائم بالدرجة الأولى على الثقة والائتمان. 5 إطارات بالبنك الخارجي تختلس 4 ملايير من مختلف العملات فضيحة من العيار الثقيل كان بنك الجزائر الخارجي وكالة "زيغود يوسف" ضحية لها، وعالجتها محكمة الاستئناف بالعاصمة أبطالها 5 من خيرة الإطارات في البنك باعوا ضمائرهم وأغرتهم الأموال الطائلة المتداولة يوميا أمام أعينهم على رأسهم قابض العملة أمين الصندوق ومدير الوكالة ، حيث استولوا على أزيد من 04 ملايير من مختلف العملات الأجنبية من الأورو والدولار والجنيه الإسترليني . وقد توبعوا في الملف الحالي عن تهمة الإهمال المؤدي إلى ضياع أموال عمومية رفقة رئيس مصلحة التجارة الخارجية ومكلف بالدراسات وعون مكلف بالمراقبة إلى جانب المتهم الرئيسي أمين الصندوق وقابض العملة الذي وجهت له جنحة اختلاس أموال عمومية والتزوير واستعمال المزور في محررات مصرفية . وتعود وقائع القضية لسنة 2013 أين أقدم قابض العمل رفقة باقي المتهمين على تزوير وتقليد توقيعات متعامليه التجاريين لمختلف أنواع العملات الصعبة من الأورو والدولار والجنيه الإسترليني من أرصدتهم الحسابية. وتم اكتشاف الثغرة المالية من طرف بنك الجزائر الخارجي بعد الإرساليات المتعود القيام بها سنويا والمتعلقة بكشف الحساب السنوي لكل زبون لديه رصيدا في البنك. وتقدم أحد الضحايا من الزبائن إلى إدارة البنك للاستفسار عن سبب النقص الذي اكتشفه في رصيد حسابه بالعملة الصعبة وعلى هذا الأساس باشرت المفتشية المتواجدة على مستوى البنك تحقيقاتها الداخلية ليتم تحديد قيمة الثغرة المالية حسب الخبرة العلمية وفقا للعمليات الحسابية المنجزة من طرف القابض وباقي المشتبهين فيهم بإجمال 04 ملايير و600 مليون سنتيم بعد تحويل العملات الصعبة المختلسة إلى الدينار الجزائري. وتبين خلال المحاكمة ان المتهم الرئيسي أمين الصندوق القابض "ر.ب" اتهم باختلاس الأموال على مراحل منذ عام 2013 بعد إقدامه على تقليد توقيعات المتعاملين التجاريين لسحب مبالغ مالية معتبرة من أرصدتهم بالأورو والدولار والجنيه الإسترليني في ظل غياب رقابة المسؤولين ، حيث وطالت العملية أرصدة 11 زبونا. أما مدير الوكالة صرح أثناء استجوابه بأنه هو من قام بإبلاغ المديرية الجهوية بسبب المشاكل التي حالت دون قيامه بمهامه منها نقص الموارد البشرية حيث تضم المديرية 04 موظّفين فقط إلى جانب عدم توفّر نظام إعلام آلي مؤمّن ليضيف أنه أدى واجبه على أكمل وجه وقد كان يقوم بعملية مراقبة دورية أسبوعية شهرية وسنوية إلا أنه لم يتمكن من اكتشاف عملية الاختلاس كونها كانت تتم باحترافية عالية ولوأن الزبائن لم يكتشفوا عمليات الاختلاس لما تمكن من التوصل إليها. وقد تم تعيين خبير مالي في القضية حيث أكد وجود عمليات اختلاس خلال سنوات 2009 إلى سنة 2013 ، في حين فند باقي المتهمين الجرم المنسوب إليهم وحملوا المسؤولية للوكالة الجهوية بالحراش التي أجبرتهم على العمل في ظروف غير مهنية. .. 17 مليار سنتيم خسرها بنك "بدر" بسبب موظفيه عملية اختلاس أخرى طالت مبلغ 17 مليار سنتيم من بنك "بدر" نفذها المتهم الرئيسي بعدها توفى داخل السجن قبل أن يحاكم، حيث توبع في القضية رفقة نجله القابض وتاجر سوري، وكذا ثلاثة إطارات غير موقوفين، هم مدير الخزينة، رئيس قطاع المحاسبة والتدقيق، والمكلف بالدراسات. ويفيد التحقيق في الملف أن المتهم الرئيسي في القضية خطط لعملية جهنمية بعدما استغل منصبه كقابض بالبنك واختلس مبلغ 17 مليار سنتيم، بعد أن كان يتسلم الأموال على مستوى بنك "بدر" والتي كانت عبارة عن أوراق نقدية من فئة 200 دينار وبلغت قيمتها 4 ملايير دينار، ويسلمها لبنك الجزائر، أين كان يعيد الأموال المهترئة التي يرفضها بنك الجزائر ويقوم باختلاسها، كما اتّضح خلال مراحل التحقيق أنّ المتهم استغلّ المبالغ المختلسة في صفقات تجارية مشبوهة مع تاجر سوري صاحب مؤسسة للأقمشة، دخل معه في تجارة العقارات مقابل نسب معينة. وكشف التحقيق أيضا أن القابض الرئيسي اقتنى عقارات وقطع أرضية بشرشال، وسيارتين وسجل كل الأملاك باسم نجله المتابع بجنحة تبييض الأموال. ..قضية فساد مست البنك الوطني الجزائري كلفته 15 مليار سنتيم قضية ثالثة أحالها القطب المتخصص بقضايا الفساد بسيدي أمحمد على محكمة الجنايات بالعاصمة تتعلق باختلاس أموال عمومية قدرت قيمتها ب 15 مليار سنتيم، اضرارا بالبنك الوطني الجزائري الذي تكبد خسائر مادية فادحة، بعدما قام 3 اطارات بالبنك بوكالة "شيغفارا" ، من بينهم رئيس مصلحة صندوق وقابض، بعمليات اختلاسات من سنة 2002 إلى غاية 2013، وتم اكتشاف أمرهم من قبل مفتشية البنك التي قامت بالتحري في القضية واكتشفت الثغرة المالية التي قدرت ب 15 مليار سنتيم، وبناءً على ذلك تم توقيف المتهم الرئيسي في القضية المدعو"ع.ر" وهورئيس مصلحة صندوق بتاريخ 18 جوان 2013، الذي اعترف في جلسة محاكمته بتزويره ل 75 صكا خاصا بالزبائن الذين كانوا يتقدمون إلى البنك لسحب أموالهم عن طريق دفاتر الادخار، فيما أنكر بشدة اختلاسه للأموال، وراح ضحيته 72 زبونا، وحسب تصريحات المتهم الذي أكد أنه كان يقوم باستبدال الصكوك الأصلية للزبائن بصكوك أخرى مزوّرة يقوم بملئها وتوقيعها، ويقوم بمخالصة الزبون من رصيد زبون آخر وذلك لسدّ الثغرات المالية في أرصدة الزبائن والتي تركها المتّهم الثاني عندما كان موظّفا في البنك، وبعد محاكمتهم التمست النيابة ضدهم عقوبة 10 سنوات حبسا نافذا عن تهم التزوير واستعمال المزوّر في محررات مصرفية، اختلاس أموال عمومية، إتلاف وثائق مصرفية. .. 20 زبونا ب "كناب بنك" راحوا ضحية أمين الصندوق فضيحة أخرى لحق ضررها ب 20 زبون ببنك "لاكناب" نفذها أمين صندوق يعمل هناك، حيث أطاح بهم في ظرف شهر واحد، وذلك من خلال اختلاسه للأموال التي كانوا يودعونها على مستوى البنك، حيث كان يترصد لهم بعد تقدمهم إلى البنك لإيداع الأموال، ويقوم ببعثرتها على الطاولة ويسقط جزءا منها ليخبرهم بعد ذلك أن أموالهم ناقصة ويقوم بإخفاء تلك المبالغ المالية المختلسة في حزام سرواله، غير أنه لم يكن يعلم أن كاميرات المراقبة التي كانت منصبة فوقه التقطت جميع الاختلاسات التي قام بها، وتمّ كشفه في آخر عميلة ارتكبها بعد تقدّم أحد الضحايا إلى الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط من أجل إيداع مبلغ 200 مليون سنتيم، ليغتنم المتّهم الفرصة ويوقع "بفريسته"، حيث قام ببعثرة المبلغ على الطاولة وأسقط في الوقت نفسه مبلغ 20 مليون سنتيم في حجره وقام باختلاسه، وأخبر الزبون أنه قدّم له مبلغ 180 مليون سنتيم عوض 200 مليون سنتيم، غير أن الضحية كان متأكدا من المبلغ الذي سلمه له، فراودته شكوك بأنّ المتهم هو الذي سرق منه مبلغ 20 مليون سنتيم، وتوجّه مباشرة إلى مدير الصندوق وأودع شكوى ضده، ليقوم مدير "كناب" بترصّده وكشفه عن طريق كاميرات المراقبة التي لم ينتبه إليها، وتم القبض عليه متلبسا باختلاس أموال الزبائن. ..القانون الجزائري صارم ومتشدد في قضايا الاختلاسات ارتأت الحياة العربية التقرب من بعض المحامين الذين دقوا ناقوس الخطر بسبب الانتشار الواسع لقضايا الفساد خلال السنوات الأخيرة بشكل ملفت حيث عرفت منحنى خطير يجب التوقف أمامه والبحث في أسبابه وكيفية ردعه ، لذلك نتطرق لرأي القانون الذي وصفه الحقوقيون بالصارم والمتشدد في قضايا من هذا القبيل التي تضر مباشرة الاقتصاد الوطني حيث صرح لنا أحد المحامين أن المشرع الجزائري وضع قانون 01-06 سنة 2006 خصيصا لمكافحة الفساد، وهو متشدد في نصوصه فيما يخص قضايا الاختلاسات التبديد، وسوء استغلال الوظيفة، وغيرها من قضايا الفساد. وأفادنا أستاذ آخر التقينا به ببهو مجلس قضاء العاصمة، أن معظم قضايا الاختلاسات التي عالجتها مختلف المحاكم تكون عقوباتها قاسية، وحسب المواد القانونية فقد يدان المتهم المتورط في مثل هذه القضايا بعقوبة عامين حبسا نافذا كأدنى حد، و10 سنوات حبسا نافذا كأقصى حد، منوها في السياق ذاته الى أن الموظفين والإطارات يستغلون مناصبهم للقيام بتلك التجاوزات والخروقات، وبعد كشفهم تفتح المصالح المختصة تحقيقات معمقة في القضايا للإيقاع بالمتورطين ويتم تحوليهم على التحقيق القضائي. من جهة أخرى، قال ذات المتحدث أن بعض موظفي البنوك يستغلون مدة توظيفهم القصيرة لتنفيذ خططهم واختلاس المال العام ثم الفرار ، لكن في هذه الحالة أضاف المحامي أن القضاة لا يتساهلون مع المتورطين ولا يفيدونهم بظروف التخفيف.